مصر في مأتم !
...
لم أرى عيون المصريين زائغة كما رأيتها اليوم ...
العيون تسأل ، هل أخطأنا عندما طلبنا حريتنا ؟! ، هل
أخطأنا عندما أردنا أن نحكم أنفسنا ، أم أخطأنا عندما ظننا أن ثورتنا كما ظلوا
يرددون على مسامعنا بيضاء لا دماء فيها ؟! ...
أحاول أن أستشف أقصى الألم والحزن المكتوم في العيون ، وأجيب
بعيون تشاركم ذات الحزن والألم : لا .. لم
نخطئ ، وكفانا جلدا لأنفسنا ، فالمخطئون يملؤون كل مكان ، المجرمون منهم يقبعون في
السجون يلبسون ملابس بيضاء لا يحلم أن يلبسها الفقير الشريف !! ، وتحرسهم الجنود
وكأنما كان قتلهم هو الطامة الكبرى التي ستقيم الحروب !!! ، والفاسدون خارج السجون
يبحثون عن مصالحهم ، تجار دم يقاضيون حياة البشر مقابل بقائهم أسيادا في هذه
الدنيا ، والمهملون يعيثون في كل أوصال البلاد ، يترأسون أجهزتها ، يضلون السعي
فيها ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا !! ، المخطئون يعرفون أنفسهم ، ولكنهم يتوارون
هربا من مسئوليتهم ، يتوارون ليس خوفا من العقاب - فهم يعرفون أن لا عقاب يدنو من
المخطئ في هذه البلاد - ، وإنما يتوارون
خسة وجبنا ، و خوفا على صحائفهم الدنيوية التي كانت ولا زالت تلوث إلى الآن بدماء
الأبرياء.
مصر في مأتم ، والأحمق فقط من يظن أن صبر شعبها قد ينفذ خوفا ، فيهب ليتمنى عودة رئيسه المخلوع الفاسد وهو الذي زرع كل هذه الأنبتة الشيطانية في جسده وبين أطرافه ، الأحمق من يظن أن صبره قد ينفذ جبنا فيطلب العون والحماية ممن لا يملكون إلا الأسى والأسف على مقتل الناس ، الأحمق أيضا من يظن أن صبره لن - وأكرر لن – ينفذ غضبا ، لتجتمع حشوده مقيمة القصاص فيمن يتلاعب في مقدراتها ، ويظنون انفسهم أسيادا وما هم سوى خدم لهذا الشعب .
مصر في مأتم ، و أعلم تماما أن المشكلة لن تكون في حاكم
عسكري يعاملنا كمعسكر يقصف كل يوم فيلملم جثثه و يكمل الطريق ، بقدر ما هي في كل
مهمل متهاون يعلي مصلحة نفسه ويخشى على منصبه أكثر مما يخشى على أرواح البشر أو
يخشى من الله ، فالحاكم العسكري لابد ذاهب إلى غير رجعة ، ولكن هؤلاء إن ظلوا
بيننا فلن يصلح الأمر رئيس قديم أو رئيس لاحق أو حتى رئيس من السماء حين يعمل تحت يديه أمثال هؤلاء !! .
مصر في مأتم ، وما زال الأمل يساورها ما دامت على هذه
الحال ، فظهور الشر هو العلامة التي تدلنا على الطريق ، ومن يمنعنا من استمرار
السير فيه هو في الحقيقة يؤكد لنا صحته ، ويزيدنا عندا وإصرارا على السير فيه ، و
في النهاية سيكون الحساب عسيرا لكل من أجرم أو أهمل أو تهاون في حق تلك البلاد .
مصر في مأتم ...
فليتحمل كل منا مسئوليته ...
وإنا لله وإنا إليه راجعون ...
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق