كنا نسير علي ذات المسار ، اعتادت هي أن تتشبث في يدي كطفلتي ، خطواتي تتسارع في المسير فتسألني أن أبطئ منها ، فأمازحها ، وأخفف سرعتي إلى ما دون سرعتها ، فتضحك قائلة : "أما كفاني جررتك طفلا ، فهل تراني سأجرك رجلا" ، أعود لأسير بذات سرعتها ، متجاهلا رغبتي العارمة في الطيران ، و عالمي المتسارع الخطى الذي لم يعد يحتمل البطئ ، وقوتي التي أكتمها لأحيلها ضعفا يساير خطواتها التي صرت أتابعها ، وبدقة ..
ذات المشهد كان يحدث في الصغر ، وربما أكثر عبثية ، طفل كنت أنا ، لم تقو أقدامه على حمله بعد ، وأم تتابع ذات خطواته بدقة ، وتسايره لتعلمه المشي ، يسقط فتحمله وتقيم عوده ليستمر ، تبطأ من خطوتها ، تقتل من وقتها ، لتحيي أجزاء من وقته ، متجاهلة نفسها ، وأيام تمر عليها ، لتبني فيه نفسا و أياما جديدة تترك بها أثرا في هذه الحياة ، تستميت حتى يستطيع الوقوف منفردا ، وحتي يعدوا سابقا خطواتها المنهكة من العدو وراءه ..
على خطاك سأسير أمي ، حتى وإن أضعت من الوقت الكثير ، على خطاك سأسير مستمتعا ، متفانيا في إشعارك بالقدرة التي تملكينها ، على خطاك سأتحسس الهدى الذي افقده أحيانا ، على خطاك سأبقى ، ولن أحاول أن أسبقك يوما ، فإني أخاف إن فعلت أن أتجاوز الجنة التي تسكن تحتها !! .
كل عام وأنت بخير وأنا على خطاك يا أمي ..
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق