الجمعة، 8 أبريل 2011

مليونية أخرى لأسماك السردين ...


لا أقصد هنا مليونية التطهير ، فأنا اليوم على عكس الأسبوع الماضي ، أشعر بمشروعية مطالب هذه المليونية ،  بالإضافة إلى مشروعية التظاهر ذاتها (والتي لم أنكرها الأسبوع الماضي) ، بالإضافة إلى الشعور العام أن هذه المليونية تأتي بناء على رغبة الجميع ، الجيش الذي يريد تأييدا من الشعب للمضي قدما إلى التطهير ومحاسبة الفاسدين ، الحكومة التي تراهن على الثوار في حربها ضد الفساد ، والثوار الذين لم تهدئ ثورتهم بعد .

هذه المرة فقط الفاسدين هم من لا يريدونها، هم الذين بدأوا في إشعال آخر حرائقهم بمحاولة إفتعال الوقيعة بين الجيش والجيش ذاته ، وإخافة الناس بالإنقسام المتوقع ، وهذا ما يشعرني بالإرتياح تجاه هذه المليونية مع بعض الإعتبارات ، وهي ذات الإعتبارات التي أوقعت مليونية السردين في نهاية مهلكة. 

مليونية أسماك السردين تبدأ عند هجرتها السنوية ، حينها تتحرك الأسماك بأعداد مذهلة للسير معا وفي إتجاه واحد ، تساعدها هذه الأعداد بالإضافة إلى توحد إتجاهها إلى قطع مسافات شاسعة ، دون أن يوقفها عائق ، أو تفرقها تيارات بحرية مجهولة ،المتابع لهذه الأسماك حين تقترب منها عدسة الكاميرا ، سيكتشف أن كل سمكة هي قائدة لنفسها ، وأنها رغم تواجدها في هذا المسير و توحد إتجاهها معه ، إلا أنها تفعل ذلك دون قيادة ، و بشعور عام أن هذا ما يحقق مصالحها ولذا تكمل الطريق بدون تفكير.

وحين تأتي اللحظة الفارقة ، وتصبح هذه الأسماك على مشارف الوصول ، ترتكب أول أخطائها ،  الإتجاه مباشرة نحو الأعداء ، مغترة بكثرة أعدادها التي أنتصرت بها على المسافات الشاسعة التي قطعت ، وهنا يستنفر الأعداء قواهم ويجتمعون رغم إختلاف إتجاهاتهم ، ويبدأون في الهجوم .

فتبدأ الدرافيل (أقل الأعداء شراسة) باستخدام أسلحتها التشتيتية والصوتية لمحاولة توجيه الأسماك إلى السطح ، وهناك يأتي دور العدو التالي ، النوارس التي تبدأ في اصطياد الأسماك واحدة تلو الأخري في هجمات خاطفة تحدث الكثير من الأضطرابات والارتباك في صفوف الأسماك المجتمعة ، التي تحاول لمّ شتاتها مرة أخرى والابتعاد عن السطح بعد أن فطنت لخدعة الدرافيل ، ولكن هيهات فقبل أن تنفذ خطوتها يتدخل العدو الثالث ، القروش ، لتُحدث هجوما خلفيا يربك خطوة التراجع ويدفعها للإنقسام في كتل مختلفة وهي تتجه نحو العمق.

وإستغلالا للإنقسام ، يزداد الإلتهام ، ويحاول السردين الغوص أكثر للبعد عن النوارس ، فتفاجأه النوارس بمطاردة تحت الأعماق ، لا هوادة فيها ، ليصبح محاصرا بهجوم ثلاثي قاس ، يحاول التخلص منه بالتجمع مرة أخرى ، لتبدأ الدرافيل في التشتيت بذات الطريقة ، فتستمر المعركة.

وهاهنا يظهر الحوت الأكبر ، ولعله أكبر المستفدين من هذه المعركة ، ذاك الذي كان يستمتع بمشاهدتها من بعيد محتفظا بكل قوته للحظة المناسبة ، عندها يظهر ليكتب مشهد النهاية ويأكل كلا الطرفين المتصارعين ، ومن كل الأنواع ، وليعلن أمام الجميع أنه أصبح يمتلك البحر وللأبد .

قد لا تشبه مليونيتنا مليونية السردين ، لكنها قد تفعل إن فقدت عقلها وظنت ان أعدادها الغفيرة كافية للإنتصار على أعدائها ، وبالأخص عدوها الذي لا يقاتل ويكتفى بإلتهام الفرائس المنهكة قرب النهاية.

ملحوظة : لن يغني شرحي عن مشاهدة المعركة مسجلة من قلب الميدان.


ش.ز

هناك تعليق واحد:

  1. على الرغم من تأييد الأغلبية ... لكن انا لسة عند رايي ان المليونيات دي كترها بيقلل تأثيرها و اهميتها و فعلا تأثيرها جمعة بعد جمعة بيقل ...
    مع كامل احترامي مرة تانية لحقهم في التظاهر

    ردحذف