الخميس، 7 أبريل 2011

إيمان العجائز ...


وقال السلفي :

"فلنعد تاريخيا إلى القرن الثاني الهجري ،في البصرة ، حيث بداية ظهور المعتزلة لأسباب ظنها البعض دينية ، وظنها البعض سياسية ، والنتيجة كانت واحدة ، ظهور فرق كلامية تعتمد على العقل في تأسيس العقائد وتقديم ذلك على النقل ، والإيمان بأن العقل السليم والفطرة السليمة قادرة على التمييز بين الحلال والحرام.


كان هذا نتاج لصراع فكري ليس أكثر ، بين مدرسة العقل في العراق ، وبين مدرسة النقل في الحجاز ، حتى تحولت الفكرة إلى محنة ، بعد أن قرر الخليفة المأمون أن يدخل في المعادلة ، وليضع مسألة خلق القرآن في موضع الحوار، وفرض بعض الأفكار الفلسفية التي تؤيد الخلق وهنا بدأ أهل السنة والجماعة في التفكير لتطوير آدائهم الفكري.

فبعد أن كان أهل السنة والجماعة مجتمعين على مذاهب أربعة ،اختلفت فقهيا لكنها إتفقت في الأصل ، أصبح عليهم أن يوجدوا لهم مناهج فكرية ، كبداية لوضع أقدامهم وآراءهم في هذه المحنة ، ومواجهة المعتزلة الحجة بالحجة .
وفي ظل ضعف منهج أهل الحديث (السلفيون إن أردت الإصطلاح) الفكري أمام منهج المعتزلة ، ظهر أبو الحسن الأشعري (الشافعي المذهب) و أبو منصور الماتريدي (الحنفي المذهب) .. ليكونا مدرستين فكريتين جديدتين للرد على المعتزلة بذات طريقتهم وأساليبهم الكلامية كالمنطق والقياس، وبالفعل إنتصر الأشعري ومدرسته لأهل السنة والجماعة و أنشأ مدرسة مجتهدة تستمد إجتهادها من المصادر التي أقرها علماء السنة.
ورغم هذا الإنتصار إنتقد أهل الحديث الأشعرية والماتريدية عندما أعتمد الأشعرية والماتريدية التأويل لشرح بعض ألفاظ القرآن و بعض قضايا القضاء والقدر وأسماء الله وصفاته."

قاطعته لأقول:
"أتعني أن لا خلاف فقهي بين أهل الحديث وهم السلفيون الأوائل كما تقول ، وبين الأشعرية والماتريدية ؟"

أجاب إجابة قاطعة
"بلا أدنى شك ، فجلّ الخلاف بينهما عقائدي بحت وكلاهما ينهل من المذاهب السنية الأربعة"

وهنا قال الأزهري:
"في الأصل، الأزهر الشريف أشعري العقيدة ، ومعظم تراثه وطرق تدريسه تعتمد على هذا المنهج ، ففي الحقيقة هناك من يقول أن كل المسلمون في الأصل أشعريون كالشيخ القرضاوي ، وعلماء الأشعرية هم علماء الأمة في الأصل كالبيهقي والنووي والغزالي والعز بن عبد السلام والسيوطي وابن عساكر وابن حجر العسقلاني والقرطبي والسبكي. ورغم تلك العقيدة ، و رؤية الأزهر أن الأشعرية والماتريدية بالإضافة إلى الحنابلة هم أصل السنة ، إلا أن الأزهر لا ينحاز إلى رأيهم في فتواه ولا في أفكاره ، و إنما ينحاز إلى رأي الجمهور ، جمهور العلماء ، ولا يرى غضاضة ان يتبنى أفكار أهل الحديث والسلفية ، بل ولا يفرضها على دارسيه وإنما يعرض عليهم جميع الآراء وعليهم هم تبني ما يريدون ، كالشعراوي مثلا ، فهو رغم أنه صوفي الإتجاه ، إلا أنه تبنى فكر أهل الحديث والسلف في عدم تأويل أسماء الله وصفاته ."

هنا فاطعته هو الآخر :
"أتعني أن الأزهر قادر على إحتواء فكر أهل الحديث و السلف في مدرسته ؟"

أجاب:
"بالطبع نعم ، وليس غيره بقادر على ذلك ، الأزهر يدرس المذاهب الغير السنية ذاتها ، في محاولة للتفنيد والنقد ، وهو قادر على إحتمال فكر السلف السني الأقرب إليه ، لتجديد الحوار ، ومقارعة الفكر بالفكر لخدمة الإسلام"

سألته :
"إذن أنت ترى أن لا خلاف فقهي بين الإتجاهين ،  وأن كلاهما منهج فكري لأهل السنة والجماعة ، وأصل إختلافهما في المسائل العقائدية وليست الفقهية ؟ "

أجاب :
"نعم ، وأؤكد أن هذا الخلاف نشأ تاريخيا كما أشير سابقا ، وكان له أهدافه ، وأننا إن كنا في حاجة إليه الآن فهو لحفظ الدين من الملاحدة ومنكري الأديان وكلانا حامي للدين نقلا أو عقلا "

أنهيت حديثي معهم بودية شديدة ، أكد لي كلاهما انها متواجدة أيضا بين علماء الطرفين الكبار . وفي النهاية ذكر لي السلفي أن هذه الخلافات لا تمس دين العجائز بأي إهتزاز .. وفي الأصل دين العجائز هو الذي يهتم بإقامة الدين ولا يهتم بالمسائل الجدلية التي لا تفيد العامة من المسلمين.

وهنا تذكرت قصة الأمام الرازي (الذي وضع ألف دليل على وحدانية الله) حينما
مر الرازي في الطريق وحوله اتباعه وتلامذة كثيرون ، فرأته عجوز بجانب الطريق فسألت من هذا؟ فقالوا :هذا الفخر الرازي ، فقالت:ومن الفخر الرازي، قالوا: هو الذي يعرف الف دليل ودليل على وجود الله تعالى ، فهزت العجوز رأسها وقالت:لو لم يكن عنده ألف شك وشك لما احتاج إلى الأدلة ...فلما سمع الفخر ما قالته العجوز قال:اللهم ايماناً كإيمان العجائز.

اللهم ايماناً كإيمان العجائز.

ش.ز

هناك تعليق واحد:

  1. فقط وددت طرح النقاش هذا بخصوص مسألة إيمان العجائز
    http://www.attaweel.com/vb/showthread.php?t=10182

    ردحذف