السبت، 9 أبريل 2011

شباب و إئتلاف وثورة !!


سأحاول طوال هذا المقال أن أكتم إنفعالاتي، سأبتسم و أنا أكتب كل كلمة فيه ، سأحاول ألا ألقي الإتهامات جزافا ، وألا أنقل خبرا ليصبح إشاعة تداول بين ألسنة الناس ، سأحاول ألا أضخم أي مشكلة ، وألا أهون منها ، وألا أسخر من فكرة ، وألا أعظم فيها ، وأن أجعل كل من يقرأ هذا المقال من ال 85 مصري ، يشعر بالرضى إلى حد كبير ، تذكر فقط ، أني بدأت كل جملي السابقة بكلمة "سأحاول" .

شباب
--------
ما الذي تعنيه هذه الكلمة "شباب" ،  صدقني لقد بدأت أفقد إحساسي بهذه الكلمة ، خشيت لحظة أن لا أكون من هؤلاء ، فأنا لست ممن نزلوا مظاهرات التحرير ، و ربما أنا ممن يطلق عليهم "الشباب"  حزب الكنبة ، وإن كنت ممن خالفوا تعليمات الحزب وزرت الميدان قبل يوم التنحي بيوم واحد (حاولوا ألا تقرأوا المقال لأمي J) ، وبما أنني أصبحت من هذا الحزب فقد حكم علي من قبل الشباب ألا أنطق ، وألا أبدي رأيي عن أصحاب الفتح ، آسف الثورة ، وهل يستوى من جاهد قبل الثورة و من يحاول أن يتكلم بعدها ، أنا لم أقاتل ، لم أر دماء الشهداء تسيل أمامي ، وعليه فقد رأى الشباب أن عليّ الصمت ، و من حق الشباب أن يطلبوا فيجابوا ، وليتهم سيطلبوا لأنفسهم ، فهم سيطلبون للوطن أجمع ، وسيرضى كل من سيعطي وكل من سيأخد بهذا الطلب !! .

كنت قد خشيت في لحظة من لحظات الثورة ، أن يذهب الإحترام ، كنت أخاف أن يفهم الشباب نصر الله له في مواجهة كبار أخطأوا في حقه ، أنهم أقدر من الكبار أجمعين في إدارة الأمور ، وأن الكبار لا مكان لهم في المستقبل السياسي المصري ، وأن الشباب هم الأحق و الأجدر بهذا المستقبل دون غيرهم ، فيبدأوا دون قصد في التطاول عليهم بدون فهم وبدون عقل بدعوى أنهم كبروا وترعرعوا في فساد النظام السابق ، وكأن الشباب قد أتوا من الفضاء وليس من ذات النظام و بيئته الفاسدة.

لا زلت مؤمنا أن الشباب هم من أوقفوا هذه الثورة على أقدامها ، هم من جعلوها أكثر رشاقة ، أكثر صلابة ، أكثر ريعانا ، لكنهم في الحقيقة حملوا أفكار كل كبير هاجم هذا النظام ووقف في مواجهته يوما ما ، هم من صنعوا من هذه الأفكار ثورة ، هم من إستخدموا التكنولوجيا التي يجيدون كي يحشدوا جموع الشعب لمساندة هذه الأفكار . تلك الرشاقة والصلابة والريعان والتكنولوجيا ليست كافية أبدا كي يملكوا الثورة ، بل ليست كافية لحماية أو إنقاذ ثورة ، فبدون الفكر والعقل ، تصبح الرشاقة تهورا ، والصلابة عندا ، والريعان طفولة ، وتصبح التكنولوجيا مرتعا لنقل الإشاعات والأفكار المغرضة والأحكام السابقة.

أقول هذه الكلمات لأني أرى أن الشباب الآن فعل كما فعل قديما الضباط الأحرار (وقد كانوا شبابا) ، عندما لم يعرفوا دورهم الحقيقي في الثورة بعد قيامها ، وبدلا من العودة إلى الثكنات ليعملوا ما يجيدون ، قرروا أن يجربوا لعبة الحكم ، و لم يعطوا الحكم لمن هم أعلم منهم. وها هو الشباب يعيد الكرة ، ولا يعود إلى ثكناته حيث المجتمع الذي يجتاج هده الرشاقة والصلابة والريعان ، كي يوقفه مرة أخرى على قدميه .

لقد فعلتم دوركم في الثورة ، وعليكم الآن العودة إلى ثكناتكم في المجتمع ، وعلى من إجتمع لديه الشباب والعلم السياسي معا أن يجلس على مائدة المفاوضات ليبحث طريق العودة لهذا الوطن ، لا الصراخ في الميادين مستغلا تهور الشباب و شعور بعض منهم بالذنب (من شباب حزب الكنبة) ليخرجه كورقة ضغط يلاعب بها منافسيه.

إلى الشباب (عقلا وسنا) ، أحترم رشاقتكم وصلابتكم و ريعانكم الذي أتى لنا بالكثير ، ولكنني أطالبكم أن تحترموا الشيوخ (عقلا وسنا) ، وأن تسيروا على خطواتهم ، حتى وإن كانت بطيئة ، فأنتم لن تصنعوا وطنا للشباب ، بل ستصنعوه للجميع تديره سرعتكم وتلجمه عن التهور حكمة شيوخكم .

إئتلاف
-------
ما أفهمه من الإئتلاف ، هو أجتماعٌ مع من نختلف، وهو ما توقعته بعد تنحي الرئيس السابق ، أن تأتلف الأفكار وتتفق على طريق واحد نعرضه على من بيده الأمر (الجيش الآن) ، ليبدأ هو في التنفيذ ، فإذ بالقوى تستمر في إختلافها ، ويفكر كل منها في الطريق الذي يوصلها هي إلى الحكم ، وبالمثل فعل الشعب المصري كما شاهد ثواره ، وبدأ في البحث في الثورة عما يفيده ويوصله لما يريد ، فمن بدأ في إستغلال عواطف الناس فباع الأعلام وصور الشهداء ، ومنهم من بدأ في إستغلال الغياب الأمني فسرق ونهب وخطف ، ومنهم من بدأ في إستغلال غياب الدولة فشرع على الفور في بناء دور آخر في مسكنه.

ما نحن فيه ليس إئتلافا ، وإنما إختلافا ، أن تتفق القوى السياسية على عدة أشياء وتقيم المليونيات و المظاهرات ، وعندما لا تقدر على فضها وترتكب الأخطاء أثناء هذه التظاهرات بإسمها ، لا تجد من هذه الإئتلافات من يحاول ان يصلح هذه الأخطاء وبدلا عن ذلك تجدهم يعترفون بخطأهم ويلومون الدولة التي تدخلت وبكل قوة وحزم لإيقاف هذه الأخطاء ، وفي النهاية علينا أن نسير وراء هذه الإئتلافات ونستمع إلى قرارتهم و نشجع أفكارهم ، وهم و بكل مراهقة سياسية غير قادرين على تحمل أخطائهم أو تصحيحها ، بل لا يملكون غير البكاء على الضربات التي تكال لهم وبسبب أخطائهم وليس بسبب آخر.

أنا لست ضد الإئتلافات ، ولست ممن يحاول التفريق ، ولكنني ضد خداع الشعب المصري بهذه المسميات ، لا نريد ان نحسبكم جميعا وأنتم قلوبكم شتى ، وكل منكم يفكر بإستغلال كيف سيستفيد بأجواء المرحلة الحالية ، دون أي إعتبار لمصلحة بقية افراد الوطن . ولا تخبرني فئة منكم بأنكم أدرى بمصلحتنا أكثر منا ، لا ،  بل أنتم بهذه الطريقة أشبه بحكام الأمس ، و أشبه بالفلول التي تمارس أعمالها في وسطكم ، وإن كان إجتماعكم على الحق ، وأساليبكم هي الحق ، لما إستطاعوا أن يدخلوا وسطكم ويعبثوا بثورة فعلها شعبا بأكمله (وليس أنتم) وتدّعون أنكم تحاولوا حمايتها ، هم يستغلونكم كما تستغلون أنتم الثورة لأسبابكم الخاصة.

أنا لا أتهم الجميع ، ولكنني أفكر كما تفكرون ، وبما أنكم أصبحتم في موضع الشبهة فعليكم أن تتنحوا جانبا ، علّنا قد نجد الأصلح والأجدر بإنقاذ ثورتنا بالعقل والحكمة و ليس بالإستغلال .


الثورة
------
سأنكر أيضا معرفتي بمعنى هذ الكلمة ، فحزب الكنبة لا يفهم هذه الكلمات ، ولكنني متأكد من شيء واحد ، أن الثورة بأي حال من الأحوال لا تعني ثأرا ، الثورة هي إنهاء للظلم عن طريق تحقيق العدالة والتسامح والعفو ، ليست ثأرا تشوبه أفكار الإنتقام والتسرع والرغبة في التشفي مما يؤدي إلى إستمرار الظلم والغوص في بحاره.

وعليه فإن شرعيتنا و قراراتنا و محاكماتنا و أفكارنا الثورية ليس عليها أن تصبح ثأرية ، الهدف منها هو الإنتقام ممن عارضوا الثورة ، والوقوف متجمدين حتى تنتهي تصفيتهم ومحاكمتهم جزاء وفاقا لهم مما فعلوه بالشعب المصري، فأنا أستطيع أن أجزم أن في البلاد ما يزيد عن مليون مصري أعداء للثورة ، و راغبين في إستمرار النظام القديم وأفكاره (وأكرر وأفكاره) لاستمرار مصالحهم ، هؤلاء هم تلامذة الكبار ، من تعلموا على أيديهم ، وهم من يوقعون بأسيادهم الآن كي لا يلفتوا الأنظار إليهم ، وليحولوا المعركة إلى معركة أشخاص لا أفكار ، ولإقناع الكثيرين ، أن المشكلة هي أشخاص النظام لا في أفكاره ،  حتى يستطيعوا و في ذات النظام أن يصعدوا كما صعد سابقيهم.
هؤلاء يتشدقون بيننا الآن أنهم من أبناء الثورة المقدسة ، وانهم ساندوها و أنهم من ضحايا النظام القديم ، ليبدؤوا طريقهم الإستغلالي بيننا وبكل دناءة.كما يفعل كل من لديه خطيئة هذه الأيام، ويعلم جيدا أنه سيعاقب عليها إن تغير النظام ، فيبدأ في الإحتماء بالشرعية الثورية علها تنقذه.

لست أحاول أن أدافع أو أنكر خطايا رجال النظام السابق ، ولكني ضد تحويل محاكمة هؤلاء إلى حجر الزاوية لنهاية الفساد ، فالمهمة الأكثر ثورية هي أن العمل على فكر جديد لنظام جديد لا يكون لأمثال هؤلاء  أي دور فيه، أما القول بأن محاكمة هؤلاء هو الغاية ، فهو قول حق يراد به باطل ، فالمطالبة ليست بالمحاكمة حقيقة، وإنما المطالبة بالإعدام ، وأتخيل أن أحدا لن يتقبل في هذه الوقت حكما عادلا بالبراءة أو بالسجن . بالطبع سيهاجمني الكثير ويقول "عادلا !!! ... براءة !!!!!" ، "أنت بتهرج" ، لا أنا لا أمزح ولكني أعلم تماما أني لست قاضيا ، وأني كنت ، لما حكمت على شخص بالإعدام لمجرد شعور الكراهية وبدون دليل دامغ على جرائمه.

أكرر ، الثورة ليست وسيلة للثأر ، وإنما وسيلة لتغيير الأفكار ، الثورة لا تنتج حكاما صالحين فقط ، وإنما تنتج أيضا شعبا متحضرا وصالحا وعاشقا لبلاده ، والعاشق هو من المستعد للتخلى عن بعض حقوقه في سبيل حياة بلاده التي أحب ، وليس المستعد أن يخرب بلاده كلها من أجل حريته هو وحده أو من أجل حقه في التعبير عن رأيه !!!.

أنا لا أدعوا للتنازل عن الحقوق ، ولكني أرى أن درأ المفاسد مقدمٌ على جلب المنافع ، وأن من يعشق هذه البلاد ، هو كالأم المستعدة أن تترك إبنها لغيرها من أجل سلامته ، وهذا هو الوقت ، وقت إظهار هذا العشق ، أعلنوا آرائكم ، ولا تقاتلوا من أجلها فتدمروا وطنكم الذي تعشقون.

إنتبهوا ، فالثورة قد تعود إلى الخلف ، إن تخاطفتموها بدعوى العشق ، فأبتعدوا إن كنتم حقا تعشقون ، حتى يظهر من يريدون قطع ذراع البلاد والثورة، إبتعدوا حتى نستطيع أن نرى أعداء الثورة  و دعاة الثأر الذين يريدون الإنتقام لا أكثر.

أظن أني لم ألتزم بما تعهدت به في البداية ، ولكنني مستريح الآن لأنني أخرجت كل ما بجعبتي ، فهذه هي شهادتي إليكم ، ويعلم الله أني لا زلت منتميا لحزب الكنبة (وأرجو ألا ينزعج شباب الثورة من إنتهاكي لحظر الكلام J) ، ليس لي أي إتجاهات سياسية ولا دينية ولا فكرية ، ولست أريد بكلماتي السابقة (الكثيرة جدا) إلا الإصلاح ما استطعت ، اللهم إني قد بلغت ، اللهم فأشهد.  

ش.ز

هناك تعليقان (2):

  1. ارفعلك القبعة على الكلام الجميل دة
    انا اصلا مش قادر اعرف يعنى ايه ائتلاف شباب الثورة يعنى زى مجلس قيادة الثورة كدة مثلا دة مين اللى انتخبه ولا مين اللى فوضه يتكلم بأسم الشعب المشكلة انهم فاكرين ان كم لايك على الفيس بوك هى دى الشرعية الاغلبية العظمى من الشعب ما تعرفش عنهم حاجة انا مثلا لو قلتلى قولى اسم اتنين منهم مش ها اعرف مشكلتهم انهم ما بيحاولوش يعرفو الشعب عاوز ايه وحصروا كل مقاييس نجاحهم فى محاكمة مبارك واسرته والدليل على ان معظم الشعب مش بيسمعلهم نتيجة الاستفتاء
    المشكلة الخطيرة ان المظاهرات والاعتصامات بدأت تفقد دعم الشارع ليها بل وتعاطفه ودى اخطر حاجة ودة اللى جرأ الجيش يعتدى عليهم يوم 9 ابريل لازم يبقى فيه قيادة واعية ومطالب تركز على اصلاح المجتمع وتوعية الشعب وضمان انتخابات نزيهة ودة مش ها يمنع ولا يعطل محاسبة الفاسدين
    انا مازلت مصر على ان اكثر الفائزين من هذه الثورة هم الاخوان والسلفيين
    وربنا يستر الايام الجاية

    ردحذف
  2. اللي بيحصل ده حيخليني أقول إن الإخوان والسلفيين أرحم من الفوضى ده ...
    ربنا يستر يا اشرف
    شكرا للتعليق :-)

    ردحذف