الاثنين، 16 مايو 2011

جامعة الدول المحتلة


صدق أو لا تصدق ، فجامعة الدول العربية قد نشأت فكرتها من قلب بريطانيا J ، حين صرح وزير خارجيتها أنتوني إيدن في مجلس العموم البريطاني بأن الحكومة البريطانية تنظر بعين "العطف" إلى كل حركة بين العرب ترمي إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية !!!!.

بعد ما يقرب من عامان من هذا التصريح ، أُسست الجامعة ، بعد أن اختارت اتجاهها ، وهو الاتجاه الداعي إلى وحدة الدول العربية المستقلة بما لا يمس استقلالها وسيادتها ، فضلا عن الاتجاه الآخر الذي كان مطروحا والذي كان يدعو لوحدة فيدرالية أو كونفدرالية بين الدول المعنية.


أتفهم ترجيح الدول السبعة المؤسسة لهذا الاقتراح ، وذلك لوجود بعض الدول المحتلة و أخرى تحت الوصاية الأجنبية آنذاك ، ولكنني لا أتفهم أستمراره إلى الآن ! ، فالجامعة التي نشأت على أعقاب برتوكول الأسكندرية عام 1944 ، تشبه وإلى حد كبير البلاد التي تمثلها ، جامعة جامدة ، لم تتغير أركانها ولا دعائمها ولم تراجع أفكارها منذ أكثر من خمسين عاما تقريبا ، مثلما لم تتغير جنسية أمينها العام إلا مرة واحدة عقابا لمصر على خروجها على الإجماع العربي في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد.

ويخبرنا بعض المثقفون العرب، أن مصر وهي الدولة المحتكرة تقريبا للأمانة المقدسة ، لابد لها من الخروج من الجامعة ؟!! ، السبب هو كامب ديفيد (سؤال : من هو هذا الديفيد ؟!) ، فطبقا لهذه الاتفاقية كما يقولون لا يحق لمصر أن تشارك دول الجامعة في الدفاع عن أي دولة عربية إذا كانت المعتدية اسرائيل ؟؟!!

لن أستغرب إن اكتشفت صحة هذا الزعم ، فالاتفاقية التي جعلتنا نبيع أرضنا وغازنا و نستخدم السماد الإسرائيلي في زراعتنا ، يمكنها أيضا أن تصم أذاننا عن أي اعتداء اسرائيلي ، ومهلا ، وهل فعلنا نحن خلال الثلاثين عاما الماضية إلا هذا الصمم !، لن أستغرب هذا ، و لن أستغرب أيضا من الجامعة التي أعادت مصر إلى أحضانها مرة أخرى ، وكأنها تسلم سلاحها و تتحول إلى جمعية اقتصادية تنموية تجمع بلاد يرأسها الفساد والدكتاتورية ، جمعية مسالمة بلا أنياب ، لدول مسالمة أيضا وبلا أنياب .

جامعة الدول المحتلة (ثقافيا وفكريا واقتصاديا) تلك ، عليها الآن أن تُخرج كثيرا من الدول من بين جنباتها وتبدأ في التأسيس لنفسها مرة اخرى معتمدة على دولتين مؤسستين ، هما مصر و تونس، والتي ينطبق عليهما شرط الإنضمام إلى الجامعة المنصوص عليه في ميثاقها وأول بنود مبادئها و الداعي إلى قيام الجامعة من الدول العربية "المستقلة" التي تقبل الانضمام إليها.

الجامعة في حاجة إلى ثورة ، إلى تغير النظام فيها، إلى التفكيك وإعادة الهيكلة مرة أخرى ، إلى تغير دستورها ، وانتخاب رؤسائها بالتناوب ، وليس بالإحتكار ، إلى قرارت تخرج على أساس الأغلبية ، وملزمة لجميع أعضائها ، وليس لمن وافق عليها فقط !!! ، الجامعة في حاجة إلى أسلحة في يدها ، وأوراق ضغط ، وميزانية مشتركة ، وعملة موحدة ، وبرلمان مشترك ،و قوات عسكرية مشتركة ، لتستطيع أن تضمن تحقيق أهدافها و الطموحات المشروعة للشعوب التي تمثلها.

الجامعة تحتاج إلى البناء لا للترميم ، وفي الحقيقة فنحن لسنا في حاجة لهدمها ، فهذا قد بدأ بالفعل بسقوط الدول العربية المستبدة دولة تلو أخرى ، وما علينا الآن سوى البناء ، والتطهير الداخلي ، ووضع الأسس الحقيقة لعمل عربي مستقل مشترك ، دوافعه هي الرغبة العربية ، وليس رغبة أوباما أو هيلاري كلينتون.

ملحوظة ، أعرف أن الجامعة سيعلو شأنها كثيرا في وجود "نبيل العربي" أمينا لها ، بعد أن أعلت هي كثيرا من شأن من تولوا أمانتها.


ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق