الخميس، 23 يونيو 2011

يمين أهوج ويسار أرعن ...


دعنا نبدأ بالتفاؤل ، فما يحدث الآن تطور ديمقراطي مذهل ، المصريون الآن ما بين اليمين واليسار ، المصريون الآن كل يعبّر عن رأيه ومن حقه الاختيار ، المصريون لم يكتفوا بذلك فقط ، فاليمينيون أنفسهم بات فيهم الأقصى والأدنى والوسط ، واليساريون أيضا بات فيهم الأقصى والأدنى والوسط ، وكلٌ يتكلم ، وكل يناقشٌ ، وكل يعبر عن رأيه بلا أي قيود !!.

من سيحكم مصر في الفترة المقبلة ؟! ، هذا ما يشغل كل هذه الأطياف في الفترة السابقة ، حتى في دعوات الدستور أولا أو الإنتخابات أولا ، أظن أن بعضهم من يختار ما سيرجح كفة مرشحه ، لا ما يصب في مصلحة الوطن !! ، هذا الاهتمام العجيب بمنصب الرئيس ، لا زال يثير تساؤلي ، فالرئيس لن يجلس على هذا الكرسي أكثر من ثمان سنوات ، و الدستور القادم سيقوم على تقليص صلاحيات هذا الرئيس ، فلم هذا الأهتمام بهذا المنصب دون غيره ؟! ، لم لا يهتم غير الإخوان بمجلس الشعب مثلا ، لم لا يفكرون في المحليات وتشكيلاتها ، هي مجرد تساؤلات !!.


ويخبرنا اليساريون - وربما أعني هنا أقصى اليسار - برعونة سياسية لا مثيل لها ، بأنهم لم ولن يتحالفوا أو يتتفاهموا مع أي حزب ذو مرجعية دينية !!! ،  وأنهم مع ذلك يستهدفون الأغلبية !!! ، أتساءل ، أي أغلبية يقصدون ، الشعب المصري متدين بطبيعته ، الدين في الأصل اللغوي هو النظام ، والدين للمصريين هو نظام حياتهم ،  ربما لا يصوغ الدين رأيا في كل شيء ، ولكنه بالتأكيد مرجعية توجه الناس إلى ما فيه صالحهم ، وتوجههم إلى أهل الاختصاص إذا لم تحتوي نصوصه على ما يفصل في أي مسألة ، وأنا أقصد هنا الدينين ، المسيحي والإسلامي ، ولا أظن أن حزبا قائما على مرجعية مسيحية ، لن يجذب إليه المسيحيين ، بل ربما سيجمعهم حوله ، لأنه سيعبر عما في داخل بعضهم ، وأنا لا أرى هنا غضاضة في تقبل هذا الحزب أو الحوار معه بل واحترام عقيدته وفكره أيضا ، فهو في النهاية سيمثل جزء من المصريين المنتمين إلى هذا الفكر ، أما الدعوة إلى عدم التفاهم أو التحاور مع من يخالفني الفكر والعقيدة فهو ضعف لا ينتج عنه إلا تحالف من الضعفاء الذين يتشدقون بالمباديء ويخفون وراء أستارها ضعفهم .

أما اليمينيون – وأقصد هنا أيضا أقصى اليمين – فيخبروننا بأهوجاج يفتقد العقل ، أن أي شيء يخالفهم فهو لا يمت للدين بصلة !! ، فاليساريون والشيعيون و الليبراليون و حتى الديمقراطيون لا يمتون للدين بصلة !! ، لا أفكارهم ولا أشخاصهم ، وإننا إذ نبايع من يحكمنا علينا أن نبحث عن دينه وتقواه وصلاح عقيدته ، ويخبرنا العلامة (ولن أذكر اسمه) أنه لا يهمه من يتولى أمور البلاد ، ما دام سلفيا أو أخوانيا أو أزهريا أو جمعية شرعية أو أوقاف ، المهم أن يكون معروفا بحسن سيرته وعلاقته بالله عز وجل ، و يكمل "و إلى الآن أحسن الناس أخونا (.......) ، والذي لا أريد أن أقول أن من لم ينتخبه يأثم ، ولكنني أرى ذلك في قرارة نفسي !!!!!" ، لن أذكر اسم الرجل الذي يرشحه ، فلا أريد أن أسيء إليه كما فعل هو ، ولكنني أتساءل ، كيف تعرف الناس يا رجل؟! ، وكيف عرفت أن اليساريين ، لا يمتون للدين بصلة ، وكيف عرفت أن الرجل أصلح الناس ؟! ، هل أنت جاره الذي يعرف مدخله ومخرجه ؟ ، هل صاحبته في السفر الذي تعرف به مكارم الأخلاق ؟ ، هل عاملته بالدينار والدرهم الذي يعرف به ورع الرجل ؟ ، أم لعلك رأيته قائما قاعدا يصلي في المسجد يرفع رأسه تارة ويخفضها أخرى ؟!!  ، هي أسئلة أقرها عمر بن الخطاب لمعرفة الرجال ، ولست هنا للإجابة عنها وإنما لمجرد طرحها ، فهكذا تعرف الرجال .

المضحك في الطرفين ، والمؤسف أيضا ،  وربما هو دافعي الحقيقي لكتابة هذا المقال ، هو طريقتهم في التعامل مع مرشحي الرئاسة ، فبداية بقول أن هذا مرشحنا ، وأكرر "نا" ، وكأنه لهم وحدهم وليس لكل المصريين ، ومرورا بالذم والبحث عن النقائص في مرشحي الطرف الآخر ، ونهاية بمطالبتنا نحن الشعب بالدفاع عن الرجل والذوذ عنه بل وحمايته من القتل !!! ، فالمرشح اليساري بتعرض لحملة تشويه كبيرة ، وعلينا نحن النزول إلى الناس بدلا منه لتوضيح وجهة نظره !!! ، والمرشح اليميني ، يقول العلامة (..) أن اليساريون لن يتورعوا عن قتله  حتى لا يصل إلى السلطة !!! ، وهنا لن اتساءل ولكنني سأقول :

تبا لكم ، ما لكم كيف تحكمون ؟؟!!! .

ما أشبهكم بأعوان النظام السابق الذين خربوه و ضربوا فيه جذور الفساد ، تبيعون الخوف للناس وللحكام حتى تحصلون على مآربكم ، ما لنا و حاكم لا يستطيع أن يكلم شعبه أو يدافع عن نفسه ، نريد حاكما يدافع عنا لا أن ندافع عنه ، نريده معبرا عن حالنا ، وليس نحن المعبرين عن حاله ، نريده خادما لنا ، ولن نصبح أبدا خداما له ، لا باسم الدين ولا باسم الحرية ولا بأي اسم آخر .

عودة إلى التفاؤل ، لا زال الأمر يحمل بعض المزايا ، فمعرفة أقصى اليمين ، و معرفة أقصى اليسار ، هو السبيل الوحيد لإدراك الطريق الوسط .

ملحوظة : هذه ليست دعاية لحزب الوسط J ...

تحياتي

ش.ز 

0 التعليقات:

إرسال تعليق