الأربعاء، 13 يوليو 2011

الثورة على الميدان


يظن المعتصمون في ميدان التحرير أن لغة التهديد التي اعتمدها اللواء الفنجري في خطابه ، هي فعل أريد به إخفاتهم ، لكنها في الحقيقة رد فعل منطقي تجاه تهديداتهم أو تهديدات بعضهم بإيقاف بعض مصالح الدولة ، واستغلال أجواء الحرية ، في العبث بمقدراتها ، التهديد كان واجبا ، وبقدر ما أخافهم فقد طمأنني ، وطمأن الكثير من أبناء الشعب المصري،  وأزاح الهم الذي أصابهم خوفا على البلاد في الليلة السابقة له ، فحتى وإن كنا على اختلاف مع السلطة التي تحكم البلاد ، فنحن لا نريدها ضعيفة ، نريدها قوية شامخة ، لا يستطيع أي متأمر التلاعب بها أو القفز فوقها ، أو تفكيكها .


ما قلته ليس مدحا ولا انحيازا للمجلس العسكري ، فبالعكس فأنا أرى أن المجلس العسكري في حاجة لتذكيره من الحين للآخر بأنه يقود الدولة سياسيا وليس عسكريا ، هذه التذكرة لن تحدث إلا بما يفعله الثائرون والمتعصمون بين الحين والآخر ، وأن على المجلس العسكري أن يتنازل وأن يحتمل ما يعيبه به الكثيرون في سبيل تسليم السلطة لنا و بالطريقة الشرعية.

المجلس العسكري والحكومة مثله مثل الثائرون عندي ، كل لديه مميزاته وعيوبه ، ولا يحق لأحد منهم أن يمنّ علينا ببميزاته وانجازاته ، ويعتبرها مسوغات للتحكم في البلاد ، و لا يحق لأحد منهم أن يكابر في أخطاءه ، وأن يمتنع عن الحوار أو يكره الانتقاد حيالها ، فكلاهم مشترك في المسئولية ، وكلاهم في حاجة إلى الآخر ، للوصول إلى الهدف المنشود وإيصال البلاد إلى بر الأمان.

لست هنا للحديث عن المميزات والعيوب ، ولكنني هنا للتفريق بين من هو في موضع المسئولية ، ومن هو في موضع السؤال ، ولكلٍ حقوقه وواجبته التي لابد ألا يحيد عنها ، وحين يحيد ، عليه ألا يلوم غيره على ذات الفعل، وليعلم أنه ما أن ألتزم حياده ، فقد اضطر الطرف الآخر على أن يلتزمه هو الآخر ، ولكن خروجه عنه ، يسمح للآخر بالخروج عنه و بمنتهى الشرعية !!

و لذا علينا ألا نغفل أن عصبية الفنجري التي أرهبت الجميع ، ما هي إلا صرخة تحذير وتفريق ، نعم تفريق ، فأنا على يقين أن الثائرون الحق ، والذين يؤمنون بقضيتهم ، لا يخافون ، وإنما سيدعمون هذه العصبية لتطهير جموعهم التي امتلأت بالفوضويين و الذين بالقطع ستخيفهم هذه العصبية ، عصبية الفنجري تحاول أن تفرق بين أن تدعو إلى بتر الفساد ، و بين أن تدعو إلى بتر احترام السلطات ، واحترام الطرق الشرعية للتعبير عن الرأي ، بين الدعوة للتوقف عن الصبر على الظلم ، والدعوة إلى التوقف عن احتمال أي نوع من الضغوط ، والتي قد تفيدنا في المستقبل عندما نطالب شعبنا بالتقشف مثلا ، عصبية الفنجري كانت مفيدة ، ولكن استمرارها بالقطع ، سيؤدي إلى عكس معناها.

وفي النهاية ، فالخوف كل الخوف من الثورة على الميدان ، فالميدان الذي حمل كل معاني الحرية والذي لم يفكر ثواره يوما ، حتى بعد أن قتل منهم الكثير في معركة الجمل ، أن يقطعوا المترو في وجوه الناس ، فاكتسب تعاطف الجميع ، كاد أن يصبح في يومين حاملا لكل معاني الديكتاتورية وحب الذات ، ومحاولة ثواره - أو بعض ثواره - تنفيذ مطالبا و التصعيد بأفعال لم يتفق عليها الجميع ، هذه الفرقة هي التي تنبأ بشئ واحد هو ثورة الشعب على الميدان والذي قد يثور على جيشه أيضا ومجلسه العسكري أيضا إذا استشعر لحظة تفرقه أو انقسامه.

لا خير في ديمقراطية بلا سلطة تحميها ، و بلا استقرار يدعمها ، و بلا توافق يشجع عليها ، غير هذا وبأي دعوى فهو فوضى لن تزيد بلادنا إلا ظلما واستبدادا وديكتاتورية.

تحياتي

ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق