وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴿۲۰﴾ الفرقان
أتصبرون ؟! ، هكذا سألت أنا السؤال يوما لضائقي الصدر من الدنيا وما فيها ، ذكرتهم بالله ، وسألتهم السؤال الإلهي ، "أتصبرون ؟!" ، فما كانت إجابتهم إلا نعم ، وأردفوا قائلين : "ولكن إلى متى؟!" ، ابتسمت متذكرا قول الله تعالى :
وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولًا ﴿۱۱﴾ الإسراء
لم ألمهم ، فالعيب ليس فيهم ، فهكذا جُبل الإنسان على العجل ، فهو لا يطيق الصبر على ما لا يعلم ، فالجزع مرادفا للجهل ، ولذا فأنا لم أستغرب سؤالهم عن حدود الصبر ، فبالمثل فعل موسى نبي الله ، فهو لم يطق الصبر على ما يفعله الخضر عليه السلام فيما لم يحط به علما وخبرا ، قال تعالى :
لم ألمهم ، فالعيب ليس فيهم ، فهكذا جُبل الإنسان على العجل ، فهو لا يطيق الصبر على ما لا يعلم ، فالجزع مرادفا للجهل ، ولذا فأنا لم أستغرب سؤالهم عن حدود الصبر ، فبالمثل فعل موسى نبي الله ، فهو لم يطق الصبر على ما يفعله الخضر عليه السلام فيما لم يحط به علما وخبرا ، قال تعالى :
قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴿۶۷﴾ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ﴿۶۸﴾ الكهف
تأملت حال الأطفال الذين يبتليهم الله بمرض السرطان ، تسائلت عن علاجهم ، قيل لي أن آثاره أحيانا لها من الألم ما يفوق ما يفعله السرطان نفسه ، فهو يضعف خلايا الجسد جميعها ، صالحها وطالحها ، و أن هذه هي المشكلة ، أن يختلط المصاب بالسليم في الجسد الواحد ، فلا تستطيع استئصاله إلا بإصابة بعض أو جميع الجسد بالألم ، الأطفال حقيقتهم الفطرية لا يملكون سوى الصبر ، فنحن من نجزع ، ليس لعدم القدرة على احتمال الألم ، ولكن رغبة في العودة إلى ما كنا عليه من قوة ، أما تلك الوجوه البريئة ، فلم تعرف القوة لتتوق إلى العودة إليها ، هم ينظرون بدهشة لما يحدث ، صابرون ، منتظرون أمر ربهم الرحيم.
لكنهم ، ربما يشتاقون للعب كما يرون أقرانهم ، ربما يودون أن تصبح أشكالهم أجمل مما يرون أنفسهم عليها ، لكنك ما ان تخبرهم بالحقيقة ، وأنها رغبة الله الذي يدخر لهم المزيد في المستقبل ، يبتسمون ،وينتظرون حالمين بهذا المزيد.
"يحكى أن إبنة عمر بن عبد العزيز دخلت علية تبكى وكانت طفلة صغيرة آنذاك ،وكان يوم عيد للمسلمين فسألها ماذا يبكيك ؟ ، قالت : كل الأطفال يرتدون ثيابآ جديدة وأنا إبنة أمير المؤمنين أرتدي ثوبآ قديمآ...
فتأثر عمر لبكاءها وذهب إلى خازن بيت المال
وقال له : أتأذن لى أن أصرف راتبى عن الشهر القادم...؟؟
فقال له الخازن ولم يا أمير المؤمنين ؟ فحكى له عمر ....
فقال له الخازن لامانع عندى يا أمير المؤمنين و لكن بشرط
فقال عمر و ما هو هذا الشرط ؟؟
فقال الخازن أن تضمن لى أن تبقى حيآ حتى الشهر القادم لتعمل بالأجر الذى تريد صرفه مسبقآ.
فتركه عمر وعاد إلى بيته فسأله أبناؤه ماذا فعلت يا أبانا ....؟؟؟
قال : أتصبرون وندخل جميعآ الجنة أم لاتصبرون ويدخل أباكم النار ؟
قالوا نصبر يا أبانا"
فتأثر عمر لبكاءها وذهب إلى خازن بيت المال
وقال له : أتأذن لى أن أصرف راتبى عن الشهر القادم...؟؟
فقال له الخازن ولم يا أمير المؤمنين ؟ فحكى له عمر ....
فقال له الخازن لامانع عندى يا أمير المؤمنين و لكن بشرط
فقال عمر و ما هو هذا الشرط ؟؟
فقال الخازن أن تضمن لى أن تبقى حيآ حتى الشهر القادم لتعمل بالأجر الذى تريد صرفه مسبقآ.
فتركه عمر وعاد إلى بيته فسأله أبناؤه ماذا فعلت يا أبانا ....؟؟؟
قال : أتصبرون وندخل جميعآ الجنة أم لاتصبرون ويدخل أباكم النار ؟
قالوا نصبر يا أبانا"
وفي الحقيقة ، فإجابة سؤال "إلى متى ؟!" -الذي يسأله الكثير- قد يكون محبطا ، فماذا إن قلت لك أن الصبر ستكون مدته حياتك كلها ، فكلنا هنا في دار شقاء ، ولسنا في دار جزاء ، ولا نهاية لصبرنا على ما ابتلانا الله من شقاءها ، ولكن الله الرحيم ، لم يكن ليطيل شقاء عباده إلا بحكمة ، ولا ليمنع عنه نفحاته في دنياه كما هي في آخرته ، فها هو يوسف يصبر أكثر من ثلاثين عاما ليلقى أباه وأخوته ، وأيوب يزيح عنه الله مرضه بعد أن يأس الناس منه ولم ييأس هو ، وهذه هي الفكرة ، أن تخلص في الصبر ، وتحتسب آلامك وضيقك لله تعالى ، فما أصابك الله فيما تحب ، حتى ليزيح عنك ما لا تحب ، كما يفعل علاج السرطان بالجسد تماما.
قال رجل للإمام أحمد : كيف تجدك يا أبا عبد الله؟ قال: بخير في عافية، فقال له: حممت البارحة؟ -أي: أصابتك الحمى- قال: إذا قلت لك: أنا في عافية فحسبك، لا تخرجني إلى ما أكره..أي انه لا يرد ان يشكي حاله فيضيع اجر صبره.
وربما لو علم الناس لصبروا ، فالصبر الذي يظنه الكثير شدة واحتمالا ، ما هو إلا إيمانا عند المصيبة ، وقناعة عند الأكل ، وكتمانا عند حفظ السر ، وهو خير العيش لمن أراد لقاء ربه.
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وجدنا خير عيشنا الصبر.
ولكنه عند خير الخلق ، وأكثرنا علما برب العزة ، ما هو إلا خير العطاء ، الذي يعطيه الإنسان ولا يطلب جزاءه إلا من رب العالمين.
قال النبي محمد صلي الله عليه وسلم: ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر.
و ما أشد الصبر من حبس الجوارح عن المعصية ، فالمرء في حياته تستفززه شياطين الجن والإنس حتى يرد ما يصيبه بالمثل ، فليكذب مادام يكُذب عليه ، وليشتم كما يشتم ، وليخطأ كما أخطأ الغير في حقه ، وكأن الصبر على المكاره ليس من الإسلام ، وأن الحق قد يؤخذ بالباطل !! ، قال الإمام مالك :
إن رأيت الرجل مدافعاً عن الحق فيسب و يشتم فاعلم أنه معلول النية و إنما الأمر هواه
أتصبرون ؟! ، أسألكم الصبر وأعلم أن ليس باليسير ، وسبحان من قرنه بالصلاة وسألنا الإستعانة به على دنيانا.
وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴿۴۵﴾ البقرة
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق