الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴿٤٦﴾الكهف
زينة !؟ ، هكذا اندهشت عندما استمعت إلى الآية لأول مرة في صغري ، يفهمها البعض كما قد تهو أنفسهم بمعنى أنها أفضل ما فيها ، ولكن البعض يفهمهما كما أراد المولى بأنها مجرد كمالية تزين الحياة ، ما أدهشني ليس فهم المقصود من الزينة ، ولكنني جعلت أتساءل ، إن كانت هي الزينة ، فما الذي تزينه ؟!.
كلما ذكرت المال ، كلما سألت نفسي ، فيما ستنفقه ؟! ، وهل يطلب المال زينة الحياة الدنيا إلا إذا عرف فيم سينفق ؟! ، أتعجب ممن يطلبون المال و إن سألتهم هذا السؤال أجابوك : "بس هوه يجي ؟!" ، أظن أن مصدر إنفاق المال هو الشيء الباق الذي يزينه المال ، فالله يرزق المال كزينة للمستغفرين والمنفقين الذين يجعلهم أسبابا لرزق غيرهم ، ويرزق المال نقمة لمن لا يؤدون حقه ،و لا يعرفون فيما سينفقوه وأن أنفقوا أنفقوا ما لا يحبوه ، وابقوا ما يحبوه لأنفسهم ،فأضاعوه ، ولم يبقوا منه شيئا لآخرتهم !!
"روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها (أنهم ذبحوا شاةً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بقي منها؟ قالت عائشة رضي الله عنها: ما بقي منها إلا كتفها -أي: أنهم ذبحوا الشاة ووزعوها للمحتاجين ولم يبق منها إلا الكتف- قال: بقي كلها غير كتفها) أي: الذي تصدق به للفقراء مدخر عند الله سبحانه وتعالى، فهذا الذي بقي عند الله تعالى."
فليس المال بزينة إن لم يبق منه صالحا ، وفاقد المال لم يفقد إلا زينة الحياة ، و له أن يتساوي بنيته مع أنفق ماله كله في سبيل الله ، قال الرسول الكريم:
"مثل هذه الأمة مثل أربعة: رجل آتاه الله مالاً وعلماً فهو يعمل بعلمه في ماله، ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً، فيقول: رب لو أن لي مالاً مثل ما لفلان لكنت أعمل فيه بمثل عمله؛ فهما في الأجر سـواء"
اللهم ارزقنا مالا ننفقه في سبيلك.
البنون
كمثل المال أسال نفسي عند ذكر البنون ، فيم سأنجبهم ؟! ، عبيدا لله وطائعين له ، نافعين لكون وللناس ، أم مجرد عالة يضلون أنفسهم و غيرهم ، ويلهون ويلعبون في هذه الدنيا غير عابئين بما فيها.
وفي ذلك تذكر أمرأة عمران وزكريا عليهما السلام ، فكلاهما طلب من الله الولد لسبب معين ، ولم يطلبه فخرا أو عددا يزيد من عزوته ، وإنما لهدفٍ سامٍ ، تعلى فيه كلمة الله ، فاستجاب لهم الله وجعل من أبنائهم ذوي نبوة ورسالة وحظوة لدى الله.
وترى بعض الناس يطلبون الولد ويتكدرون إذا جاء بنتا ، وينسون ان الله قد يجعل أحدهم عقيما فلا ياتيه الولد ولا البنت ، فهل ظلمه الله -حاشا لله- أو منعه الدنيا حينها، ما منعه الله إلا زينتها ، ولكنه لا زال لديه من الباقيات الصالحات ما يستطيع أن يزينه بكفالة يتيم فقد أبواه ويحتاج لمسحة على شعره ليشعر بمن يرعاه .
اللهم أرزقنا بنينا طائعين لك ، مصلحين بأرضك ، حافظين لدينك ، مستشهدين في سبيلك.
الباقيات الصالحات
يقول الشعراوي رحمه الله :
" إذن : فالمال والبنون من زينة الحياة وزخرفها ، وليسا من الضروريات ، وقد حدد لنا النبى صلى الله عليه وسلم ضروريات الدنيا فقال: ((من أصبح معافىً فى بدنه ، آمناً فى سربه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)) أخرجه الترمذى
فما زاد عن ذلك فهو من الزينة ، فالإنسان إذن يستطيع أن يعيش دون مال أو ولد ، يعيش بقيم تعطى له الخير ، ورضا يرضيه عم خالقه تعالى "
وليست الزينة بالمعيبة أو المحرمة إلا إن أهمل الأصل والأبقى ، فالزينة كالورود التي تحتاج لماء يرويها ، فإن لم توجد ، تجف ، وتبدأ في التساقط حولنا ، فضلات تشوه حياتنا بعد أن كانت زينة لها.
وصدق رسول الله حين قال :
((إذا مات ابن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جاريةأو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له))
وليس أبقى من هذا كله إلا إيمان راسخ في القلب ، لا يخالجه شك أو ارتياب ، قال تعالى:
يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿۸۸﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿۸۹﴾ الشعراء
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق