غلبتني
لغتي السياسية هذا العام فقررت أن ألقب
أمي لقبا سياسيا فأخبرتها أنها السيدة
الأولى لدولة حياتي !
ستظل
المرأة هي المخلوق الذي قُدر له أن يحمل
الحياة لغيره ، وهي النبع الخالص لمشاعر
إنسانية لا يمكن أن يشعر به رجل أي كان ،
نبع لم يحرم منه إلا مخلوق واحد هو آدم ،
نبع الأمومة !.
تقلق
أمي من عدم زواجي إلي الآن ، تسألني أن
أبدأ في البحث عمن يعتني بمشاعري و حالي
، أفكر مليا وأنا أنظر إلى شاشة حاسوبي
الشخصي فأخبرها مداعبا :
لم
أجدها بعد، ولا زلت أنت المفضلة لدي يا
أمي !
.
لا
أتكلم عن الحب ها هنا ، أتكلم عن شئ فطري
مزروع بداخلي و بداخل تلك السيدة ، شئ
يتلصص علي لأجلها ، يجعلها قادرة على
معرفة حالي دون أن أدري ، شئ لم ينتزعوه
مني ولا منها من بعد أن أنجبتني، شئ جعلها
قادرة على حملي في الخارج من بعد حملي
ببطنها ، وهو ذات الشئ الذي جعلني أطمئن
فقط لضربات قلبها ، سر لا يمكن تفسيره و
لا حتى فك طلاسمه .
أفضل
صحبتها ، في المنزل و هي تحكي لي عن المباراة
التي تابعتها -رغما
عنها-
لتحكي
لي تفاصيلها ، وفي السينما وهي تحاول أن
تفهم طلاسم الفيلم التي دخلته مضطرة لأنني
أفضل دخوله ، وفي المكتبة وهي تفتش عن كتب
الأطفال -لأحفادها-
حتى
انتهي أنا من بحثي الطويل -جدا-
عن
كتبي التي أريد ، ليتني أمتلك القدرة على
الصبر والحب والحنان الذي أعطته لي ،
لكنني أجد الصعوبة في مجارتها لرد القليل
-والقليل
جدا-
مما
تقدمه لي و إلى الآن .
أنا
قطعة منها ، ربما اختلف عنها ، ولكنني
حصاد بذرة زرعت بأرضها ، وارتوت بدمائها
، كل ما أملك من أفكار ومشاعر مبني على ما
أخذته منها ، لا أتعجب من كوني أملك من
المهارات ما لا تملك ، فهي قد تنازلت عن
تنميتها في ذاتها لتنميها في قطعة منها
، قطعة لا تشعر أبدا بغربتها عنها، بل
أنها تشعر بكل ما تشعر ، بنجاحها وفشلها
، بحزنها وفرحها ، وتشعر بأنها استثمارها
الوحيد في هذه الدنيا التي لا تنتظر منه
المقابل ، لأن نجاحه إن ذهب إليه فهو في
الحقيقة ذهب إلى نفسها!.
أنانية
هي أمي ، تريدني دائما بجوارها ، أبتعد
أحيانا ، ولكنني اكتشفت أن أمي مخطئة جدا
، لأنني في الحقيقة من هو في أشد الحاجة
إليها ، فما فائدة أي مال أكسبه إن لم ترض
أمي ؟!
،
ما نفع أي علم أخذه إن غضبت علي أمي ؟!
،
ما آخر أي طريق أسلكه إن لم تدع لي أمي ؟!
.
تأملت
حديث رسول الله عن الرجل الذي جاءه فسأله
:
من
أحق الناس بصحبتي يا رسول الله ؟، قال :
أمك
، فقال :
ثم
أي ؟!
قال
:
أمك
، فقال :
ثم
أي ؟!
قال
:
أمك
، فقال :
ثم
أي ؟!
قال
:
أبوك
، تأملته وتأملت تكرار الإجابة ، فالرسول
-
وهو
الذى لا ينطق عن الهوى -
ما
كان ليكرر إجابة لسؤال عبثا ، الرسول كان
واضحا في ترتيب أفضلية الصحبة التي يجب
أن يتخذها أي إنسان ، فصحبة إي إنسان على
وجه البسيطة ليس بمقام صحبة الأم ولا حتى
في المرتبة التي تليها ولا التي تليها ،
حتى الأب فبينه وبين مقام صحبة الأم
مرتبتين كاملتين ، لا يوجد من يملأ فراغها
إلا هذا المخلوق العجيب الذي يسمى الأم
!.
أخبرت
أمي بأنها ليست فقط سيدتي الأولى بل سيدتي
الأولى … والثانية ..
والثالثة
..
كل
عام وأنت بألف خير يا أمي .
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق