الجمعة، 8 يونيو 2012

ما بين السلم والميزان !!

منذ البداية و نحن مخيرون بين هذين الأمرين ، سلمٌ للطوارئ ينجينا من بلاء وخوف يصيبنا ، و ميزان يحكم في الأمر ، غير عابىء بما أصابنا ، لا يريد الظلم حتى إن كان ردا لمظلمته ، مرٌ في الحلق ولكنه دواء يعلمنا الصبر ، ويلهمنا القوة ، ويهذب نفوسنا التي جبلت على السطحية والجبن و انعدام الثقة بالنفس ، جبلت على الزعيم الأب القائد الذي سيمنحنا منحة كل عام دون عمل ، جبلت على البحث عن السلالم والدهاليز والطرق الملتوية للوصول إلى رغد عيش زائف نريده ، دون النظر إلى أناس نختلف معهم ، ونختلف عنهم ، قامت هذه الثورة لمساواتهم بنا ، ومساواتنا معهم ، لإعادة حقوقهم وحقوقنا ، والتي من أولها ، لغة مشتركة نتحدث بها سويا ، وطريق واحد نسير فيه معا ، ليصبح السابق فينا ، هو السابق بجهده وعرقه و توفيق الله له ، وليس الذي امتلك سلما ليصل إلى النهاية ظلما و زورا على أكتاف وعرق المجتهدين في هذه الأرض.

منذ البداية و نحن نعرف مرضنا ، ونعرف كم من النصابين والداجلين الذين حكمونا وأقنعونا أن مرضنا لا يحتاج إلا المسكنات ، سلمٌ نصعد به فوق آلامنا ، فنشاهد منتخبا يفوز ببطولات قارية ، و فيلما يحصد الجوائز العالمية ، وبطلا أوليمبيا يقفز فرحا -فنقفز معه- لحصوله علي ميدالية ذهبية لم تحصل عليها مصر لسنوات عجاف ، منذ البداية وآلمنا مزروعة فينا تتنظر العلاج ، تنتظر اعترافنا بها ، تنتظر الكف عن تصديق هؤلاء الدجالين و أخد المسكنات وصعود سلالم اللهو التي تلهينا عن مصائبنا ، منذ البداية ونحن نضحك على أنفسنا ، ليس من السعادة ، ولكن من شدة البكاء !!

منذ البداية كنا قادرين على إفشاء غليلنا ، وأخذ القصاص العادل ممن ظلمنا ، أخذه دون طلبه !! ، نعم أخذه دون طلبه ، ولكننا أبينا هذا السلم الذي سيلوث يدنا بدماء من حملت دمائهم الخيانة لهذه البلاد ، اخترنا القوة ، و علاج أنفسنا من الضعف ، أخترنا أن نقف أمام من قتلنا لنرحمه ، فيموت حسرة وكمدا دون أن يجد مبررا يشفي به ظلمه الذي تملك منه كالسرطان ، ليموت حسرة وهو يرى من يحسبهم رعاعا ، يحرسوه حتى محبسه دون أن يمسوه بسوء ، رغم ما سامهم من العذاب والموت والمرض ألوانا دون أي سبب سوى أنه كان حاكمهم !!!

منذ البداية ارتضينا الموت والإهانة والعذاب لأجل الخلاص من وهن أنفسنا الخاضعة ، ارتضينا كل هذا لتحطيم كل القيود ، وتكسير كل سلمٍ تسلقه المنافقون والظالمون للتسلط علينا ، ارتضيناه لكي لا يبحث أحدنا عن واسطة لتعيينه ، لكي لا نتذلل إلى صيدلية تقسط لنا ثمن دواء ابنائنا المرضى ، لكي لا نعمل في أكثر من عمل كي نوفر مصاريف أبناءنا ، لكي لا يعدو وراءنا لصوص المحليات ليأكلوا رزق تجارتنا ثمنا لاستمرارها ، لكي لا نبحث عن بلطجيا ليعيد إلىنا حقوقنا المنهوبة ، لكي لا نكسر شارعا كي نحجز مكانا لسياراتنا التي لا نجد مكانا لركنها ، لكي لا يجور أي رئيس على محكوميه قبل أن يسألهم ألا يجوروا عليه ، ارتضيناها بحثا عن العدالة و العلم الذي احتقرناه سنينا ، وهو الذي كان يحمل في طياته لنا علاجنا الذي نحن في أشد الحاجة إليه !!.

منذ البداية ونحن في اختبارات متوالية لإرادتنا ، نقف في المعركة ، وعدونا دائما يقف أمامنا ، لا يحمل سلاحه فهو يعلم أنه ما عاد يرهبنا وإنما يحمل سُلما يصل آخره إلى رغباتنا المدفونة ، وأطماع نخبتنا السياسية ، وأملنا في الاستقرار ورغد العيش ، سُلما يحمل سلاما مشروطا ، يمسك هو بكل خيوطه وأبعاده ، سُلما يريد به إخراجنا من المعركة ضده ، يريد به ابعادنا عن الميزان الذي ارتضيناه حكما بيننا ، الميزان الذي صارت تؤلمنا مرارته ، وبطؤه في أخد حقوقنا ، ميزاننا الضرير الذي تجاهل صور قاتلنا وهو يجهز علينا، ميزاننا الذي يخشونه لأنهم يعلمون أنه غدا سيتجاهل صورهم التي يصورنها لأنفسهم كأبطال ينقذون البلاد من أعدائها !!

لست هنا لامتدح العدالة الناقصة والبطيئة في بلادي ، ولكنني ارتضيها ناقصة وبطيئة خير من أن يصل إلي منصتها اللصوص والقتلة وعديمي الضمير ، ارتضي الميزان الذي سأستخدمه للقصاص منهم ولن أرتضي السلم الذي سيوصلني إلى فقري وعوزي لهم بل قد يوصلني إلي سجونهم إذا خالفتهم.

منذ البداية وهم يستهدفون ارادتنا ، وفي النهاية لا زالوا يستهدفونها ، آعلم كم أصابوها من ضرر وضعف ، أعلم كم شوهوها وفرقوها بين أفكار كثيرة ، أعلم كم رسموا لها من الطرق وقدموا لها من السلالم لتسير فيها ، ولكن جزء مؤمنا فيها لا زال حيا ، وهو الذي سيبقى ، وهو الذي سينتصر ... بإذن الله .

بإذن الله

ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق