لَهُ
مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ
وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ
أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ
يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ
مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ
اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ
لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ...
الرعد (١١)
الرعد (١١)
لم
تكن هذه هي المرة الأولي التي أقرأ فيها
هذه الآية ، كما أنها لم تكن أيضا المرة
الأولي التي تتردد فيها على مسامعي خاصة
في عام ونصف قد مروا علينا ادرك فيها بعضنا
-من
الباحثين عن التغيير-
جزءً من معنى هذه
التوجيه القرآني الكريم ، أدركوا فيها
أن التغيير يبدأ في الحقيقة من داخلهم ،
من داخل نفوسهم التي ستعينهم على تحقيق
هدفهم الأسمى ، وهو تغيير ما بهم وتغيير
حال بلادهم التي يعيشون فيها.
ما
أثار انتباهي بل وأثار بعض الخواطر في
فكري ، هي حالة الإنعزال التي تنتاب بعضا
ممن يعتنقون هذا المبدأ ، فبعضهم عندما
أسقط في أيديهم ، وفقدوا الأمل في مواجهة
أفكار فاسدة صارت قاعدة مقابل استثناء
صلاح فكرهم ، ظنوا أن الاجتهاد في محاولة
تغير النفس فقط هو الطريق الكافي للتغيير
الذي يبتغون !! ،
واستسلموا لإرادة الله ، والأمل فيه أن
يغير ما بهم ما داموا هم عاكفون علي تغيير
أنفسهم !!.
ما
دار في خاطري ، هل ما أمرنا به الله هو
تغيير النفس أم تغيير الأنفس ؟!
، هل إصلاح الفرد
هو الكافي لإصلاح ما في المجتمع ، أم أن
اصلاح الفرد ضرورة لا يتمها إلا إصلاح
الجماعة التي يعيش فيها ويتأثر بها وتتأثر
به !! ،
هل إصلاح خطأ الفرد هو ما يصلح ما بالقوم
، أم أن إصلاح خطأ القوم هو ما قد يصلح ما
بالفرد !!
يقول
الشعراوي تفسيرا لجزء من هذه الآية :
“لم
يقل الله "ما
بفرد"
وإنما
قال "ما
بقوم"
لتدلنا
على أنه سبحانه لا يتدخل إلا إذا عنت
الأمور ، وفسد كل المجتمع ، واختفت النفس
اللوامة من هذا المجتمع؛ واختفى من يقدرون
على الردع ـ ولو بالكلمة ـ من هذا المجتمع
، هنا يتدخل الحق سبحانه ، فالفرد قد
تصلحه الجماعة ، ولكن الجماعة لا يصلحها
إلا الله إن تغيرت مبادئها الجماعية
وأخلاقها العامة”
فالمقصود
من الآية لم يكن صلاح أنفسنا كلٌ على حده
، فصلاح أنفسنا -وإن
كان ضروريا-
ليس
بكافيا لإصلاح ما بنا ، وإنما المقصود هو
العمل علي إصلاح الأنفس والتي لا تنحصر
في أنفسنا وإنما تمتد إلي أنفس من حولنا
من جاهلين يحتاجون لعلم قد نكون من كاتميه
، ومن مغيبين يحتاجون لمعرفة قد نكون من
يملكها ، ومن فقراء يحتاجون ما يعينهم
على الصبر ، ومن تائهين يحتاجون لأيدينا
كي نرشدهم إلى طريق يريدون السير فيه
ولكنهم لا يعرفون أول خطوة منه !!
ليس
المقصود أن نجلس في بيوتنا وأن ينتظر كل
منا غيره كي يصلحها بمعرفته ، ولكن المقصود
أن ننشر المثل والقدوة للناس ، أن نكون
نحن القاعدة إن صلحنا ، وأن يكون جَلدُنا
في الحق أقوى من جَلدُ الفجار الذين
انتشروا بين الناس لينشروا ضلالهم ،بينما
نحن نجلس في بيوتنا ننتظر نصر الله ،
وإصلاحه لنفوسنا التي يكتفي بعضنا بمجرد
حفظ الحق في صدورهم والدعاء إلى الله أن
يظهره على الباطل ، وهم في الحقيقة من
يمنعون تحقيق ظهوره باخفائهم له في تلك الصدور !!
إن
الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم
، فلنغير إذن من أنفسنا ، وليكن أول ما
نغيره ألا نفكر في أنفسنا كأفراد كل يهتم
لحاله وأخطاءه فقط ، ولكن كقوم تجمعنا
أرض واحدة وظروف واحدة ومخاوف واحدة و
أخطاء واحدة ربما نكون قد شاركنا فيها
ولو بالسكوت عليها ، فلنغير من تفكرينا
الفردي أولا وليحاول كل منا أن يغير من
حوله كما يحاول تغير نفسه ، فليعط النصيحة
لسائلها ، فليربت على كتف قلق من الحياة
، فليذكر غيره بتقوى الله ، ليس المطلوب
مجهود أجسادنا لا تقواه ، المطلوب مجرد
محاولة قد تغير ما بأنفس قوم فتغير ما بهم
جميعا !!
تحياتي
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق