أغلق بائع الدواء ديوانه عندما أتاه ذاك اليقين !!
اليوم قد أصابه الداء ، ولكنه و بعد طول معاناة لم يهتدي بين أدويته لما يداوي أمراض القلوب !.
منذ صغره وكان لديه من الحماقة ليظن أن بائع الطعام لا يجوع ، وأن بائع الدواء ليس له أن يصيبه المرض !! ، حتى كبر ، وحتى عندما امتهن مهنته ، كان يأتيه الشاكون من كل حدب وصوب ، يشكون الداء و يطلبون الدواء ، فيصف لهم ما يراه مناسبا لآلامهم ، فيشفى بعضهم فيزيده ذاك فخرا بمهارته ، ويستمر صراخ الآخرين فيكتم سخريته من ضعفهم واستعذابهم الألم ، كان يؤمن بأن في أدويته الشفاء لهم لكنهم قوم يتظاهرون ، كان أحمقا لا أكثر ، وكانوا هم حقا يتألمون ، وهو يبني على آلامهم مجد ديوانه وشهرته .
واليوم هو في مكانهم ، يتألم ألمهم ، تنزف من جسده جروحه و جروحهم ، يملؤه الضعف ويعتليه الذنب ، وليس له سوى أعين السخرية من حوله ، تلك التي أهداها لهم من قبل ، فإذ بها ترد إليه ، وبذات الحدة ربما !!.
أغلق بائع الدواء ديوانه وهو بداخله ،مسجونا مع أفكاره ، ها هي أدويتك التي بها آمنت ، فهل تنفعك شيئا ؟! ، هل ستجد فيها ما يداوي جروحك أو يريحك من ألم ؟! ، هل وجدت فيها من يهدئ روعك أو يطمئن قلبك ؟! ، هل وجدت فيها من يمنحك غفرانا أو رحمة ؟! ، وإن لم تجد فأخبرني هل ترى فيها سما قد يريحك من حياتك ؟!.
على باب ديوانه استمر تدافع الكثيرون ينتظرون فتحه ، استمروا ينتظرون أدويته التي طالما باعها لهم ، وطالما خففت من أوجاعهم ، كانوا منبهرون بشهرته الزائفة ، ولا يعلمون ما أصاب غيرهم من أدويته الفاسدة ، جعل هو يسد آذانه عن ندائاتهم ، لم يعد مؤمنا بدوائه - بعدما فشل في مداوة وجعه – أن يداويهم ، سيمر الوقت وسيعلمون ، وستخف عن الديوان أقدامهم ، وسيعرفون أن خالقهم هو أولى بهم ، هو ألطف بهم ، هو القادر على شفائهم ، و طمأنة قلوبهم ، غدا سيتوقفون عن الألم والشكوى ، و سيحتملون الداء ، وسيعزفون عن الدواء ، عندما يوقنون ما في الصبر الجميل من خير لهم ، وما في خزائن خالقهم من رحمة ستظلهم .
بعد أعوام ربما ، سينساه الجميع ، و سيفرع بائع الدواء من إعدام أدويته ، وسيفتح ديوانه ذات ليلة وسيذهب عنه بذنوبه مغاضبا ، وسيتركه مفتوحا ، فارغا ، لا يحتاج إلا إلى التنظيف !!
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق