الجمعة، 12 أبريل 2013

الداء ... وبائع الدواء ...



أغلق بائع الدواء ديوانه عندما أتاه ذاك اليقين !!

اليوم قد أصابه الداء ، ولكنه و بعد طول معاناة لم يهتدي بين أدويته لما يداوي أمراض القلوب !.

منذ صغره وكان لديه من الحماقة ليظن أن بائع الطعام لا يجوع ، وأن بائع الدواء ليس له أن يصيبه المرض !! ، حتى كبر ، وحتى عندما امتهن مهنته ، كان يأتيه الشاكون من كل حدب وصوب ، يشكون الداء و يطلبون الدواء ، فيصف لهم ما يراه مناسبا لآلامهم ، فيشفى بعضهم فيزيده ذاك فخرا بمهارته ، ويستمر صراخ الآخرين فيكتم سخريته من ضعفهم واستعذابهم الألم ، كان يؤمن بأن في أدويته الشفاء لهم لكنهم قوم يتظاهرون ، كان أحمقا لا أكثر ، وكانوا هم حقا يتألمون ، وهو يبني على آلامهم مجد ديوانه وشهرته .

واليوم هو في مكانهم ، يتألم ألمهم ، تنزف من جسده جروحه و جروحهم ، يملؤه الضعف ويعتليه الذنب ، وليس له سوى أعين السخرية من حوله ، تلك التي أهداها لهم من قبل ، فإذ بها ترد إليه ، وبذات الحدة ربما !!.

أغلق بائع الدواء ديوانه وهو بداخله ،مسجونا مع أفكاره ، ها هي أدويتك التي بها آمنت ، فهل تنفعك شيئا ؟، هل ستجد فيها ما يداوي جروحك أو يريحك من ألم ؟، هل وجدت فيها من يهدئ روعك أو يطمئن قلبك ؟، هل وجدت فيها من يمنحك غفرانا أو رحمة ؟، وإن لم تجد فأخبرني هل ترى فيها سما قد يريحك من حياتك ؟!.

على باب ديوانه استمر تدافع الكثيرون ينتظرون فتحه ، استمروا ينتظرون أدويته التي طالما باعها لهم ، وطالما خففت من أوجاعهم ، كانوا منبهرون بشهرته الزائفة ، ولا يعلمون ما أصاب غيرهم من أدويته الفاسدة ، جعل هو يسد آذانه عن ندائاتهم ، لم يعد مؤمنا بدوائه بعدما فشل في مداوة وجعه – أن يداويهم ، سيمر الوقت وسيعلمون ، وستخف عن الديوان أقدامهم ، وسيعرفون أن خالقهم هو أولى بهم ، هو ألطف بهم ، هو القادر على شفائهم ، و طمأنة قلوبهم ، غدا سيتوقفون عن الألم والشكوى ، و سيحتملون الداء ، وسيعزفون عن الدواء ، عندما يوقنون ما في الصبر الجميل من خير لهم ، وما في خزائن خالقهم من رحمة ستظلهم .

بعد أعوام ربما ، سينساه الجميع ، و سيفرع بائع الدواء من إعدام أدويته ، وسيفتح ديوانه ذات ليلة وسيذهب عنه بذنوبه مغاضبا ، وسيتركه مفتوحا ، فارغا ، لا يحتاج إلا إلى التنظيف !!


ش.ز 

0 التعليقات:

إرسال تعليق