الخميس، 21 أبريل 2011

صولجان الحكم


و على عكس الجميع ، لم أر فيما يحدث الآن شيئا مقلقا يجب الإلتفات إليه ، ولم أر كما رأى البعض ، بأن على من يقودون البلاد الآن ، التعامل بيد من حديد مع من يعارضون قرارتهم أو يتظاهرون ضدها ، فما الذي غيرناه إذن إن فعلت القيادة ذلك ؟! ، فلا يمكن أن نستبدل قيادة كانت تظن نفسها دائما على صواب ، ولا تشكك أبدا في قرارتها ، و تضرب بيديها البوليسية على جميع معارضيها ، بقيادة تستخدام نفس الإسلوب حتى وإن كان هذا بدعوى أنها أكثر حكمة وشرفا من سابقيها.


ما أراه أن مصر هي وليدة جديدة ، يصرخ شعبها بعد أن كُتمت أنفاسه كثيرا ، وتم تجهيله كثيرا ،  و ما على مثقفيها ومتعلميها الآن إلا البداية في تهدئة روع هذا الشعب ، وإفهامه عالمه الجديد الذي خرج إليه ، وليس ضربه بدعوى الحفاظ على هدوء هذه الدولة ، أو هيبتها كما يدعون .

فالهدوء الذي يدعى البعض حاجتهم إليه هو هدوء النظام السابق ، هدوء الخوف ، الخوف من البطش ، و الخوف من أدوات الدولة الرادعة ، أما الهدوء الذي أريده لبلادي هو هدوء النظام الجديد ، هدوء الاقتناع ، اقتناع المحكومين بحكم حكامهم ، والفهم التام لقرارتهم ، وذلك بعد تحقيق الشفافية التامة فيما بينهم .

سيصرخ في أذني الكثير (وللأسف من المثقفين) ، هل تريد من حاكم أن يقنع كل محكوم بحكمه ، وأن يفهمه قرارته ،و أن يطلعه بكل شفافية على خطواته لتحقيقها ؟! أجبتهم : بكل تأكيد ، فأنا لا أريد لمصر حاكما عاجزا فكريا ، يستسهل إستخدام قوة الدولة لتنفيذ قراراته ، أريد لها حاكما مبدعا في طرقه وأدواته ، يعمل جاهدا على فهم شعبه وطبيعتهم ومستوى وعيهم الثقافي والفكري ، و من ثم يعمل على إيجاد الطريقة المناسبة لإقناع شعبه بهذه القرارات ، مع البدء في تحسين هذه المتغيرات لتسهيل مهمته في المرة القادمة.

نريده حاكما قويا ، يتقبل النقد ، قادرا على الرد و إفحام منتقديه ، معترفا بخطئه ، ومستعدا لتحمل مسئوليته ، والإعتذار عنه ، حتى وإن كانت الإستقالة هي شكل من أشكال هذا الإعتذار .

حاكما يصنع (من الفسيخ شربات) ، كما يطالبنا بزيادة طاقاتنا ، يعمل على إستخدام القليل منها الذي لدينا لتوليد الطاقة الأكبر ، حاكم يثق في شعبه ، قبل أن يطلب منه أن يثق فيه .

حاكما يعرف متى يمسك بصولجانه ، ومتى يستخدم القوة ، ليس لردع آراء معارضيه ، أو لتفريق متظاهرين تجمعوا لإلغاء قراراته ، وإنما لمنع الجرائم ، وإيقاف مرافق الدولة ، والإضرار بمصالحها ومصالح شعبها .

أعلم أن من الصعوبة أن يتصور أحدا وجود مثل هذا الحاكم ، و أن الكثير ممن صرخوا بأذني في البداية ، لا زالوا يصرخون ، ويؤكدون ، أني واهم ، و أن هذا الشعب الذي أتفائل أنا به ، شعب جاهل ، وأن الفوضى قادمة لا محالة ، وأن علي أن أصدقهم ، كما طلبوا مني في السابق أن أصدقهم ، أن الرئيس السابق لن يرحل أبدا !!  .

ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق