ولأننا لا نعرف "ماذا بعد؟" ، ولا نجيد إلا الثورة والصياح في الميدان ، لا أظن أننا نحتاج صوت العقل ، ولا أظن أن العلم أو القانون سيجدي نفعا مع شعب لم يعرف قيمة لهما يوما ما.
الحكاية تشبه ولحد كبير ما حكاه د. معتز عبد الفتاح في برنامجه الجديد ، عن قصة قنديل أم هاشم ليحيى حقي، عن د.إسماعيل الذي عاد ليجد أهله يعالجون عين قريبته بزيت يمتلأ بالقطران والشوائب أخذوه من قنديل يضيء مسجد السيدة زينب ، هنا ثار إسماعيل عليهم و حاول توضيح أضرار هذا الزيت و فتح عيادته لعلاج العيون بالطرق الطبية السليمة ، لكنهم في الحقيقة هم من ثاروا عليه حينها ، وبمعاونة ممن يستغلون جهل الناس ، أتهموه أنه هو الذي يشكك في كرامة أم هاشم ، وامتنع الناس عن علاجه ، و لم يعنيهم علمه ، واستمروا في تخريب عيون أبنائهم بزيت القنديل.
هنا فطن إسماعيل للحكاية ، وقرر أن يكسو علمه بالجهل لإفهامهم حقيقته ، فوضع الأدوية في قوارير الزيت و أعلن إمتثاله لكرامة السيدة ، فبدأ الناس يُشفون وهم يظنون أن شفائهم كان بفضل هذه الكرامة ، فأعلن لهم إسماعيل حينها أنه خدعهم وأن الزيت الذي يظنون أنه زيت قنديل أم هاشم ما هو إلا قطرة طبية وضعها لهم ، فأصابتهم الدهشة ، و اقتنعوا حينها بقيمة العلم الذي أتى به إسماعيل لهم.
ما أشبه ما ساقه يحيى حقي لنا من أكثر من 50 عاما بما نحن فيه الآن ، فشعبنا وللأسف ، لا يعوزه قانوني يطبق القانون ، فنحن لا نعرف القانون ولا نثق بإجراءاته ولا أحكامه ، ولا ديمقراطي يطبق الديمقراطية ، فبعضنا لا يفهم الديمقراطية ولا يعي القدرة على احتمال نتائجها ، نحن لا نريد أي شيء يخالف ما اعتدنا عليه ، نريد شيئا مغلفا بالديكاتورية ، فهذا ما تربى عليه جلنا ، شيئا يحاول أن يعلمنا الديمقراطية في هذا الغلاف الذي اعتدناه ، من قال أننا أقمنا الدنيا لأجل الديمقراطية ، نحن اقمناها لأننا نريد ديكتاتورا عادلا كإسماعيل أو كنابليون أو كعبد الناصر أو غيرهم ، ديكتاتورا يسقينى دواء الديمقراطية قي قوارير الدكتاتورية ، ولكن السؤال هنا هل سيكشف لنا في النهاية سر دوائه ، أم أنه سيبقينا على جهلنا لسنوات أخرى ؟!
ما نريده وللأسف أن تنبت الزهرة في وسط الحذاء !
تحياتي
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق