ما الذي يوجد في دمائنا ليمنع الوحدة ، ما هو المزروع في جيناتنا الوراثية فيمكننا أن نثور ونقف أمام الطغيان ، ولكننا على مائدة أي حوار نتفق على شيء واحد ، على أن نختلف ، من هو ذلك الشيطان الذي قد يصور لنا أن موت دولة عظيمة كالسودان ، يمكن أن نسميه زيفا ميلاد دولة !!!!
الويلات المتحدة الأمريكية ، والتي تكون شعبها من شتات الأرض ، ولم يكن لهم أبدا أصل مشترك أو لغة مشتركة ، أو أي مشترك قد يجمعهم ، اتحدوا ، وكونوا دولة صارت الآن قوة عظمى باتحادها وتماسكها.
الإتحاد الأوروبي ، والذي يمتلأ بالكثير من الثقافات واللغات المختلفة ، تكتلت دولاته ووحدت عملاتها وفتحت حدودها و تشاركت جيوشها ولم يعد ينقصها سوى أن تسمي نفسها دولة واحدة !!.
أما نحن ، ففي الاتجاه المعاكس نسير ، خلافات سياسية ، بحث عن السلطة ، بحث عن المصالح ، غيرة وحقد و حسد وأمراض نفسية ما أنزل الله بها من سلطان . يكفيك أن تنظر إلى المنصة الرئيسية في احتفال طلاق الدولة السودانية ، لتعرف لم استحالت العشرة بينهما ، يكفيك أن تنظر إلى ذلك الذي يعتمر قبعة الغرب الأمريكية (رئيس جنوب السودان سيلفا كير) لتعرف ما الذي تخفيه القبعة الأمريكية تحت رأسه ، يكفيك لتسمع الأزدواجات تملأ الأرجاء في الخطابات المشتركة بينهما ، فالإنفصال أصبح استقلالا ، والفشل في توحيد الصف السوداني يسمى نجاحا في تقرير المصير ، والفرقة والتشرذم أصبحا حرية وعدالة !!!.
وتصيبني الدهشة عندما استمع إلى أحد الصحفيين السودانيين الجنوبيين ، وهو يتفاخر أن أمريكا كان لها دور كبير في ايقاف الحرب الأهلية ، وأن دوافعها للحل هي رغبتها في تعمير أفريقيا وتحريرها من الجماعات الإسلامية !!! ، ويكمل ليبدي بكل اشمئزاز استياءه من توغل الصينيين في بلادهم ، وهو التوغل الذي سيمنعه الوجود الأميريكي ؟!! . وتتحول دهشتي إلى الصدمة عندما أعرف أن هناك الكثير من التفاصيل والمشكلات (وأهمها مشاكل النفط) التي لم تتفق عليها الدولتين بعد ، فهم فقط اتفقوا على الإنفصال !!!.
ذكرني ذلك بمن فشل في التفريق بين طرفين متصارعين ،و لا يطيقان رؤية وجوه بعضهما ، فقرر أن يبني جدارا بينهما ليكملا من خلاله الحوار !!!
وهنا تتدخل الجامعة العربية لتزيد الطين بلة ، وتعلن أن انضمام جنوب السودان إلى الجامعة العربية شيئا بديهيا !!! ، وذلك مع العلم أن اللغة الرسمية لجنوب السودان ستصبح اللغة الإنجليزية !!!!! .
لعن الله فساد الحكام العرب ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق