صدق من قال أن الحزب الوطني صار له منصة في التحرير !! .
ولا عجب ، فبعد أن فشلت محاولاتهم الفجة في البداية ، من فتنة طائفية ، وبلطجية تعيث هنا وهناك ، وفتنة أيدولوجية بين القوى السياسية ، و فتنة الطابور ، والتي أنشغل فيها كل منا من أولا ومن ثانيا ، وصلنا إلى فتنة من نوع آخر ، ذات أفكار مبتكرة ، فكرة منها تهدف إلى فصل الثوار عن الشعب ، و هو بهدف تشويه الثوار ، والعبث بأخلاق الميدان التي كانت أول أسلحة ثورتنا العظيمة ، ففي الميدان الآن من يشتم ويسب ويلعن ، ولا يتورع على التهديد والوعيد ، وحبس الناس وطردهم من الميدان.
والفكرة الأخرى هي تقسيم البلاد ، ليس باستخدام ديانات أبناءها ولا أيدلوجياتهم ، وإنما باستخدام أحقابها ، فمصر الآن صارت مصرين ، مصر الثورة ، ومصر مبارك ، وبعد أن أقروا هذه الفكرة ، صار الثوار يطالبون المجلس العسكري أن يختاروا بين مصر الثورة أو مصر مبارك ! .
يملؤني العجب حينها ، فمصر عندي مصر واحدة ، و كما يطالب الثوار المجلس العسكري بالإختيار ، فسأطالب الثوار أيضا بالإختيار ، وأن يتحملوا مسئولية قرارهم ، فمن يريد القصاص فليمسك بالسلطة ، وليتأخذ هذه القرارات الثورية التي يريد ، وإلا فإنهم يريدون احراج المجلس العسكري ، وجعله يتخذ القرارات التي سيفشلون في اتخاذها بعد تسلم السلطة.
هذه هي المسئولية الثورية ، التي يبتعد عنها الثورييون رغبة في البقاء في مواقع جني الثمار ، الثورييون يريدونها قرارات ثورية ، ولكن يريدون غير الثورييون أن يتخذونها و يفتحوا الصندوق ، حتى إذا ما انفجر في وجوههم ، كانوا هم أقل الخاسرين، الثورة في الحقيقة لا تحتاج إلى الحماية فقط حتى يأتي من ينفذ أهدافها ، الثورة تحتاج إلى من يضحي بنفسه ليحقق هذه الأهداف ، دون انتظار المقابل أو الشكر أو الأخذ بالثأر.
لا شك أن على الجيش الكثير من الضغوط السياسية لعدم محاكمة مبارك ، و الجيش في الحقيقة لا يحبذ أن يتخذ هذه القرارات السياسية ، ربما تآمرا كما يحبذ الكثير أن أقول ، وربما خوفا من عدم قدرته على التقدير السياسي لآثار هذه القرارات ، الحل منتهى السهولة ، المضي إلى الإنتخابات سريعا ، فيمسك السلطة هذه الرجل الذي سيصدر القرار السياسي الصائب ، السؤال هنا : ما الخطأ الذي أرتكبه المجلس العسكري الآن ؟!.
يظنني البعض رومانسيا ، ولكنني أظنني عمليا أكثر منهم ، فالمستفيد الوحيد من تأخر الإنتخابات في هذه الحالة هو الرئيس المخلوع و حاشيته اللئام ، و حزبه الحاكم الذي يرى كل يوم سلطته تذوب ، ويريد أن يزيد من حدة الثورة حتى تنقلب إلى ضدها ، وهنا أظن أن علينا الإنتباه.
لن تسقط هذه الثورة إلا بتأجيل الإنتخابات او بإقامة أي محاكمة غير عادلة ، لإن أي من هاتين الخطوتين ستكون أول أخطاءها ، والتي سيقايضها عليها من يبيعون الأوطان ، فيبدأوا بالتلاعب في شرعية الشعب بحجة ما فعلته الثورة حين أجلت الإنتخابات ، أو إقرار الظلم مبدأ بحجة المحاكمات الثورية الظالمة.
هذا لا يعنى عدم الحفاظ على الزخم الثوري والضغط بين الحين والآخر لإصلاح الأخطاء ، ولإكتساب المزيد من الصلاحيات ، ولكن دون السماح لأمثال هؤلاء بإبعادنا عن الطريق الصحيح ، الذي ستعيد بها الثورة بأيديها مصر للمصريين .
من يرى أن المجلس العسكري متآمرا وغير مسئول ، فليأت وليمسك بالمسئولية ، هذا ما يعلنه المجلس العسكري ، وما خوفنا من الإمساك بالمسئولة إلا إقرارا منا بأننا ربما نكون مثله .
تحياتي
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق