السبت، 20 أغسطس 2011

رمضات 19 : يا حسرة على العباد


يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ﴿۳۰﴾يس

هو استدعاء للحسرة ، وهل لغير هذه اللحظة يلزم حضورها ، عباد الله الذين خلق الله لهم قبل أن يخلقهم يبعث لهم رسلا ليحسن خلقهم ، فيردوه ، بل ويستهزؤا به ، كبرا وعدوانا .

ورسل الله ليسوا بشرا فقط ، فالله يبعث لنا رسل في الحياة تحمل رسائله إلينا محاولة أن تفيقينا ، لكن بعضنا ، و بعادة من سبقنا ، لا نفهم تلك الرسائل ، بل ونبدأ في الإستهزاء بها ، فيأتي أوان الحسرة التي تحيطنا في هذه اللحظة .

أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ ﴿۳۱﴾يس

ونحن لا نرى ، أو قد يعمينا الله عن الرؤية ، فها نحن نرى سقوط السلاطين والممالك ، فهل رأينا ؟! ، أو فهمنا ما رأينا ؟! ، وها هي تمر علينا الليالي ، وتأتينا الفرص الواحدة تلو الأخري ، فهل أصبناها ؟ ، أم تركناها تمر ظنا منا اننا سنجد غيرها يوما ما حتى يمر العمر ، و لا نصيب إلا ما كتبه الله لمن لا يرى ، الحسرة. يقول عائض القرني في كتابه "حدائق ذات بهجة":

"يا حسرة والله على الليالي الطويلة والأيام الجميلة, الواعظ فيكم ينفخ في رماد, ولسان الحال , ياحسرة على العباد ...

لا تقف مكانك......, هل وقفت الشمس مكانها؟ هل ثبت القمر في موضعه؟ هل سكنت الريح؟ هل جمد النهر قبل مصبه؟ الكل في حركة, الكل في سباق, الزمن يمر مر السحاب, الصوت يسعى إلى منتهاه, الضوء ينطلق إلى مداه

فهيا أيها الكادح والمخلوق العجيب, لا تقف....فإنك في وقوفك تخسر ساعات غالية لن تعود أبدا, ....

عمرك في أنفاسك.... تاريخك يكتب بساعاتك.......
فاتق الله في الليالي والأيام والسنين والأعوام, كفى مماطلة...... كفى تسويفا...... استفق من سكار الغفلة وسنة العطالة, وتلفت حولك. لن تجد الواقفين إلا البلداء أما البقية فكلهم في دأب وجد واجتهاد , الفلاح يبعثر الأرض ذات الصدع بمساحته, المهندس يدير المعامل بآلاته, الطبيب مكب على عقاقيره, يختبر ويحلل, الأستاذ منهمك في درسه يشرح ويعرف, والعابد في مصلاه يدعو ويسبح وأنت مسوف بالآمال هائم في أودية الخيال متعلل بطول العمر ورغد العيش


لا يحل لك أن تهدر العمر ولا أن تعقر بدن العيش الغالية, لا أن تذبح الزمن بسكين اللهو, لأن قتل المعصوم حرام ...إذا أنت ضيعت الزمان بغفلة ندمت إذا شاهدت ما في الصحائف

تسابق الذئب والسلحفاة وكان الذئب أسرع خطا, وأشد وثبا, وأقوى عزيمة والسلحفاة بطيئة ثقيلة, فمر الذئب بظبي فعكف عليه ليصطاده فعاسفه وقاومه وارتحلت السلحفاة هادئة مواصلة فسبقت الذئب إلى الغاية وقعد بالذئب تلفتُه وانشغاله ....

فيا من عرف طول الطريق وقلة الزاد وبعد السفر ونفاسه المطلوب, وخساسة الدنيا, مالك إذا قيل لك انفر تثاقلت؟ وإذا قيل لك قم تناومت؟؟"

اللهم ارزقنا الهمة ، ولا ترزقنا الحسرة على ما فاتنا.

ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق