السبت، 20 أغسطس 2011

رمضات 20 : غافر


غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿۳﴾غافر

غافر ، فالمغفرة على المطلق ، ومن يملكها إلا الغني ، الذي لا تغلق أبوابه ، ولا يمل من طلابه ، يقول ابن عباس :

" غافر الذنب " لمن قال : " لا إله إلا الله " " وقابل التوب " ممن قال : " لا إله إلا الله " " شديد العقاب " لمن لم يقل : " لا إله إلا الله " .


فالمغفرة لمن علم أن له ربا فعاد وأناب ، وليست لمن تكبر ، فأنكر الوعيد والعذاب ،  المغفرة هي أمل المذنبين ، وبابهم المفتوح دوما ، ماداموا يعلمون مكانه ، ويعلمون من يملك مفاتحه ، ولا يشركون معه أحدا .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبّهِ عَزّ وَجَلّ قَالَ:
"
أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً. فَقَالَ: اللّهُمّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي.
فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً، فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذَ بِالذّنْبِ. ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ.
فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي.
فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً. فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ. ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ
فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي.
فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبَاً. فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ. اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ" رواه مسلم.

قابل التوب ، فليس الله برافض توبة عبد أتاه نادما ، والقبول على المطلق أيضا ، معطوف على المغفرة ، فلا عقاب على ذنب قد اقترف قبل توبة ، والحساب من بعد ذلك ، يقول محمد الظاهر بن عاشور في تفسيره  التحرير والتنوير :

التوب أي الرجوع إلى أمر الله وامتثاله بعد الابتعاد عنه . وإنما عطفت صفة ( وقابل التوب ) بالواو على صفة ( غافر الذنب ) ولم تفصل كما فصلت صفتا ( العليم غافر الذنب ) وصفة ( شديد العقاب ) إشارة إلى نكتة جليلة وهي إفادة أن يجمع للمذنب التائب بين رحمتين بين أن يقبل توبته فيجعلها له طاعة ، وبين أن يمحو عنه بها الذنوب التي تاب منها وندم على فعلها ، فيصبح كأنه لم يفعلها . وهذا فضل من الله .

شديد العقاب ذي الطول ، فليست رحمته وفضله تعالى مدعاة للتهاون والتقصير ، وإنما هي حجة على من سيذوق عذابه الشديد يوم القيامة ، فقد فتحت أمامه جميع أبواب العودة و الإنابة ، فإن لم يعد ، فليس له إلا ما اقترفت يداه.

هي أبواب مفتوحة إذن ، وليس لنا أن نغلقها أما أي من عباده سبحانه ، وإنما علينا ان نذكرهم بها ، حتى يلقوا الله في طاعته و منيبين إليه ، يقول الغزالي في كتابه نحو تفسير موضوعي للقرآن الكريم:

"و قد حكى ابن كثير قال : كان رجل من أهل الشام ذو بأس وكان يفد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ففقده عمر فقال ما فعل فلان بن فلان ؟ فقالوا يا أمير المؤمنين تتابع في هذا الشراب قال فدعا عمر كاتبه فقال اكتب من عمر بن الخطاب إلى فلان بن فلان سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ثم قال لأصحابه ادعوا الله لأخيكم أن يقبل بقلبه ويتوب الله عليه فلما بلغ الرجل كتاب عمر رضي الله عنه جعل يقرؤه ويردده ويقول غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب قد حذرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي . ورواه الحافظ أبو نعيم من حديث جعفر بن برقان وزاد فلم يزل يرددها على نفسه ثم بكى ثم نزع فأحسن النزع فلما بلغ عمر خبره قال هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخا لكم زل زلة فسددوه ووثقوه وادعوا الله له أن يتوب ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه .

وقد أثبت هذه القصة لأنه يوجد في عصرنا مقنطون من رحمة الله يحسنون إرسال طلقات التقريع والإهانة، وكأن غايتهم إهلاك المرء حيث زلت قدمه !! ، بينما يوجد من أعداء المسلمين من يلتقط العاثرين ليخرجهم من الملة بعد ما يعدهم المغفرة !!."

روى الحافض النسفي بإسناده عن الزهري عن أبي مسلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل ساجد وهو يقول :
اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك من مظالم كثيرة لعبادك قبلي فأيما عبد من عبادك أو أمة من أمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه من مال أو بدن أو عرض علمتها أو لم أعلمها ولم أستطع أن أتحللها فأسألك أن ترضى عني بما شئت وكيف شئت ثم تهبها لي من لدنك إنك واسع المغفره ولديك الخير كله يارب ماتصنع بعذابي ورحمتك وسعت كل شيء فلتسعني رحمتك فإني لا شيء، وأسألك أن تكرمني برحمتك ولا تؤاخذني بذنوبي وماعليك أن تعطيني الذي سألتك يارب .. ياالله..
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارفع رأسك فقد غفر الله لك إن هذا دعاء أخي شعيب عليه السلام  

اللهم اغفر لنا ذنوبنا

ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق