قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿۲٦﴾ آل عمران
"وإياكم أن تظنوا ان أحدا حكم في خلق الله بدون مراد الله"
هكذا قال الشعراوي يوما وأنا أستمع لخواطره عن هذه الآية ، كنت أسمعه وأستغرب ما نحن فيه ، و تساءلت ، و هل يرض رب العباد بما يحدث من ظلم وهوان ، أم أننا عباده المقصرون الذين استحقوا ان يولى عليهم شرارهم ، بعد أن أضاعوا من بينهم الخير.
هي سنة الله أن يهلك الظالم ولا شك ، وهي سنته أيضا أن يعدل بين الناس ، فليس الله بظلام للعباد ، ولكنه يبتلي الظالمين بالظالمين ، قال تعالى :
وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴿۱۲۹﴾ الأنعام
فالظالم –كما قال الشعراوي في خواطره- يؤدي رسالة ربانية إلى عباده إذا ما انحرفوا عن طريق الحق ، الظالمون هم أدوات الله لتحقيق عدالته ، وما كان حكامنا الظالمون اليوم إلا تجسيدا لهذه العدالة الالهية.
فقد يعطى الله للظالمين الملك ، و من ثم ينزعه منهم ، بعد أن يفرغ الظالم من تحقيق رسالته الربانية ، وهي آية من آيات الله للناس ، والعجب كل العجب لمن لم يتعظ بها ، أو من ظن أنه بما امتلك خارج إطار الملكوت الإلهي ، أو من شمت في الظالم وحمله أخطائه ، وما أخطائه إلا البذرة التي أنبتت هذا الظالم وسلطته عليه بقدرة رب العالمين.
أما الصالحون والأخيار ، فهم منزهون عند رب العزة أن يكونوا أصحاب انتقام أو شماتة ، فالله يريهم آيته فيمن ظلمهم دون أن تلوّث قلوبهم ، و ما كان انتقام الله إلا أشد وأقسى ، قال الشعراوي :
"ولذلك نجد أن الله يُسلط الظالمين على الظالمين، ولو أن الذين ظَلموا مُكن منهم من ظَلمُوهم ما صنعوا فيهم ما صنعه إخوانهم الظالمون في بعضهم"
هي حكمة الله في ملكه الذي لن ينزعه عنه أحد ، وهي آياته وسننه لمن كان في قلبه شك وريبة ، فما لنا نطلب الخير من غيره ، وهو بيده !!، سبحانه العلي القدير .
يقول الله في الحديث قدسي : "أنا ملك الملوك ، ومالك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فإن العباد أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة ، وإنِ العبادُ عصوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالسخط والنقمة ، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، وادعوا لهم بالصلاح ، فإنّ صلاحهم بصلاحكم"
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق