الأربعاء، 3 أغسطس 2011

رمضات 3 : الخبيث والطيب


مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿۱۷۹

فكيف نستخلص النفيس من المعادن دون أن توضع وسط نار تستعر ، فيخرج منها من يحتمل نقيا خاليا من الخبث ومن الشوائب ، هكذا يعامل الله إيمانا ، فيبتلينا ، حتى يميز الخبيث من الطيب فينا ، لنعرفه ، فننقي أنفسنا ، ويزيد إيماننا.


فليست الهزيمة دائما تعني الخطأ ، فالهزيمة يمكن أن تكون طريقا للنصر ، فهي وإن أصابتنا ، تصيب الشر فينا ،كما تصيب الخير فينا ، والخير باق ، ولن يمحيه إلا الله ، وأما الشر فهو منا ، وبأيدينا ، فإن تركناه تركنا ، وإن أمسكناه أمسكنا ، بل وامتلكنا ، ولذا أنزل الله آيته تعليقا على هزيمة أحد ، ليعلم أصحابه حكمته من الهزيمة ، وأن عليهم أن يحتملوا ما لم يحتمله الأشقياء من بينهم ، فيعرفوهم ،وتتطهر صفوفهم، يقول الشيخ الغزالي :

"لابد من هزيمة تكشف العدو من الصديق ، وتفرز طلاب المنافع والوجهات ، وتسنتبقي أهل الإخلاص الذين يظاهرون نبيهم مع البأساء والضراء ، وينصرون ربهم مهما تقلبت الليالي"[1]

وكما أن الأمر ليس بالقول فقط ، فإنه ليس بالنية الصادقة أيضا ، فنية بلا عمل ، كبناء لا يحتمل ، ولم يكتمل ، ومن السهل تماما أن يهدمه الشر فينا بعد أن ينسينا قيمته وهدفه من داخلنا ، فما أسهل أن تأخذ أرضا لتزرعها ، ولكن ما أصعب أن تبقيها خصبة عامرة لا ينقطع خيرها ، الأولى قد يحتاج عمل شاقا ، لكن الثانية تحتاج استمرار هذا العمل ، بلا توقف ، يقول الشيخ الغزالي :

"على أن انتصار المؤمنين يحتاج إلى أمرين : صدق النية و حسن الآداء ، ولا يغني أحد الامرين عن الآخر .
والمسلمون فقراء إلى معرفة الأمر الثاني وتوكيده ، فإن بعضهم يظن أن الصلاح وحده يحقق النتيجة المرجوة ، كأن الملائكة ستنزل لجبر القصور في إعداد المسلمون للمعركة أو سوء خوضهم لها ، وهذا بعيد .
ابذل ما لديك كله إيمانا وعملا ، إخلاصا ومهارة ، ثم ارتقب الخير ، وإن كانت قواك أقل ، فقد بذلت ما تملك ، ولن يخذلك الله بعدئذ ... "[1]

القول والنية والعمل ، هو أدوات الانتصار لا شك ، واحتمال الهزيمة هو السبيل إليها ، فمن لا يحتمل الهزيمة ، لا يقوى على الانتصار.

ش.ز

المصادر
[1] نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم – محمد الغزالي

0 التعليقات:

إرسال تعليق