قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿۱٦﴾الأعراف
هو أبليس ، أحد شياطين الجن ، ولكنه ليس الشيطان الوحيد ، فالشيطان ككلمة و وصف هو ما التصق بإبليس وليس العكس ، الشيطان وصف لكل شر ، لكل شيء يخرج عن طاعة الله ، ويشجع عليها ، يقول الشعراوي :
"لا بد أن نبين الفرق بين وصف الشيطان.. وبين الشيطان نفسه.. الشيطان كوصف عام معناه كل من يبعد الناس عن طاعة الله وعن منطق الحق، وكل من يغري بالمعصية، ويحاول أن يدفع الانسان الى الشر.. كل واحد من هؤلاء هو شيطان.
ويجب أن نعلم أن هناك شياطين من الجن.. وشياطين من الانس.. يجمعهم وصف واحد، كما يجمعهم الاتحاد في المتعة التي هي نشر المعصية والافساد في الأرض.. شياطين الجن هم العصاة من الجن الذين يصدون عن الحق ويدعون الى الكفر، وشياطين الانس يقومون بنفس المهمة..
إذن فاللفظ هنا وصف لمهمة معينة.. وليس إشارة الى شخص بإسمه، فكل من دعا الى الكفر والشرك والعصيان هو شيطان... "[2]
ويجب أن نعلم أن هناك شياطين من الجن.. وشياطين من الانس.. يجمعهم وصف واحد، كما يجمعهم الاتحاد في المتعة التي هي نشر المعصية والافساد في الأرض.. شياطين الجن هم العصاة من الجن الذين يصدون عن الحق ويدعون الى الكفر، وشياطين الانس يقومون بنفس المهمة..
إذن فاللفظ هنا وصف لمهمة معينة.. وليس إشارة الى شخص بإسمه، فكل من دعا الى الكفر والشرك والعصيان هو شيطان... "[2]
فما أكثر شياطيننا هذه الأيام ، وما أكثر من يقعدون لنا صراط الله المستقيم ، فإبليس لم يكن ليفعل كل هذه الغواية وحده ، يكفيه أن ينشر شياطينه بيننا ، وكيف لا وهو له نصيب من كل شيء حولنا ، من رجالنا ، ونساءنا ، وأطفالنا ، وحتى طعامنا ، هو له نصيب من كل هؤلاء إن لم نقرنهم بطاعة الله وتقواه وذكر اسمه.
غير أن الشيطان ليس له سبيل على الإنسان ، فهو مخير في اتباعه ، يقول تعالى :
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴿٤۲﴾الحجر
ويقول الغزالي:
"والإنسان مع الشيطان ليس مغلوبا على أمره ، وإنما هو مخدوع كبير أو مستغفل غرير !
إن الشيطان يملك جهاز إذاعة طويلة الأمواج او قصيرتها ، والإنسان يستطيع أن يسمع وألا يسمع.
فمن ضبط جهاز استقباله على محطة إرسال معينة سمع ما يريد ، وإلا فهو بمنجاة.
ولا يملك الشيطان إلا قدرة البث ولا يقدر أبدا على تضليل إنسان بقوته... "[1]
نعم ، فالشيطان لا يملك قوة ليجبر بها بني البشر ، لا يملك حتى قوة الإقناع ، وإنما يملك آداة إعلامية تستطيع أن تشوش قلبك وعقلك وكل أدواتك البشرية إن استمعت لها ، وهي التي بدورها تدفعك بعدئذ بقوتها نحو الضلال.
هكذا فعلها حين استمع إليه آدم عليه السلام ، فما كان أبليس ليجبر آدم على الأكل من الشجرة ، وإنما خدعه ليأكل منها وليخرجه من الجنة ، وهكذا يحاول أن يحرم بنوه منا ، بكل حيلة حتى وإن كانت في ديننا ذاته ، فبات يلبس لنا شيخا لينصحنا في ديننا !! ، و ربما ليعرينا باسم الدين . يقول الغزالي :
"كان الذين يطوفون بالكعبة عرايا يقولون لا نطوف في ملابس عصينا الله فيها !!
وأغلب المتدينين المنحرفين يضمون تحت خيمة الغيبيات أمورا ما انزل الله بها من سلطان ، تخالف العقل والنقل ، ثم يزعمون أن الله امرهم بها.
والله اعلى واجل من ان يأمر بفاحشة مضادة للذوق والفكر والفطرةوَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴿۲۸﴾ الأعراف
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴿۲۹ ﴾ الأعراف ... "[1]
فالشيطان قاعد لنا على صراط الله المستقيم يمنعنا من عبوره ، يتبعنا في كل خطوة نحوه ، جالس لنا على أبوب المساجد ، فإن لم يقدر على منعنا عنه ، دخل معنا ، وحاول أن يضللنا حتى في صلاتنا ، ليخرجنا منها كأن لم نكن فيها ، ولكن ، ورغم هذا الحصار ، كان لابد لنا من مخرج ، وسبيل يمكننا من عبور الصراط المستقيم ، يقول الشعراوي :
"يقول تعالى:
ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿۱۷﴾ الأعراف
إننا إذا تدبرنا هذه الآية الكريمة نجد أن الشيطان.. قد حدد أربع جهات يأتي منها الى الانسان: اليمين واليسار والأمام والخلف.. والمعروف أن الجهات هي ست.. اليمين، اليسار، والأمام، والخلف.. وأعلى، وأسفل.. فلماذا يأتي الشيطان للإنسان من كل الجهات وترك الأعلى والأسفل؟!
ونجيب على ذلك بأن الأعلى هو مكان صعود الدعاء.. وصعود الأعمال الصالحة لله سبحانه وتعالى.. والأسفل هو مكان السجود لله جل جلاله.. وكلاهما لا يستطيع الشيطان الاقتراب منه، فمكان السجود لله والخضوع له لا يقربه الشيطان.. وكذلك مكان صعود الدعاء والعمل الصالح.. فهذان المكانان مباركان لكل مؤمن، تحفهما الملائكة ولا تقربهما الشياطين... "[2]
ونجيب على ذلك بأن الأعلى هو مكان صعود الدعاء.. وصعود الأعمال الصالحة لله سبحانه وتعالى.. والأسفل هو مكان السجود لله جل جلاله.. وكلاهما لا يستطيع الشيطان الاقتراب منه، فمكان السجود لله والخضوع له لا يقربه الشيطان.. وكذلك مكان صعود الدعاء والعمل الصالح.. فهذان المكانان مباركان لكل مؤمن، تحفهما الملائكة ولا تقربهما الشياطين... "[2]
فلنحذر الشياطين ، وبالأخص شيطان أنفسنا الذي بات يفعل فينا ما هو اكثر من فعل أبليس نفسه، حين يؤخرنا أو يبعدنا عن طاعة الله ، ولنضبط أجهزة استقبالنا على ما يحبه الله ، فليس للشياطين قدرة علينا إلا إذا استمعنا إلينا ، وإختيار الاستماع ، هو بأيدينا ، وليس بيد الشيطان .
ش.ز
المصادر
[1] نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم – محمد الغزالي
[2] عداوة الشيطان للانسان – محمد متولي الشعراوي
0 التعليقات:
إرسال تعليق