قال
لي بعضٌ من اصدقائي ممن أقدر رأيهم بأنني
لا أصلح لإدارة الأعمال !!
،
لم استغرب ، فقد عللوا رأيهم بصفات فيّ
لم أنكرها يوما ، قالوا بأنني لست مخاطرا
، وكثير الحذر والتدقيق ، رقيق المشاعر
، حالما ، بل وزادوا عليها صفة لم أتوقعها ، كوني مهذبا !!! .
فهمت
قصدهم :)
،
ولكنني زدت عليهم بأنني ولهذه الأسباب
أيضا لا أصلح سياسيا ، وبسببها أيضا قاربت
أن ابتعد أيضا عن هوايتي الأكبر الكتابة
!!
.
جاء
دورهم في الإستغراب ، وجاء دوري للتوضيح
عندها ، فالكتابة التي أعرفها وأقدرها
هي ما كانت تأخذ الأسباب والأدلة لتنسج
منها فكرة رصينة بنيت على أساس سليم لا
يهتز ، وحينها لن تستغرب كاتبا يكتب اليوم
رأيا وله حينها أسبابه ، وغدا يغير ذات
الرأي مبينا أسبابه لتغيره .
أما
الكتابة التي لا أعرفها ولا أقدرها أيضا
، هي تلك التي يبدأ كاتبها بتبني فكرة ما
ثم يبدأ في جمع أدلته عليها ، فيأخذ ما
يؤكدها ، ويترك ما يناقضها ، ويضعها أمام
الناس مؤكدا صحة رأيه وفكره ، وهي في الأصل
افتراضية افتقدت الإنصاف و عادة ما يشوبها
الكثير من الخطأ.
وفي الحقيقة فأنا لم أعد قادرا على التفريق بين الكاتبين بداخلي ، فأنا إن كنت اليوم ذلك الأول الذي يلملم كل ما يراه ليكون رأيا ، فأنا في الغد ذلك المدافع عن رأي يميل إليه ويحسبه صوابا بل ويبحث عن أدلة تثبته متجاهلا تلك التي تدحضه دحضا. والنتيجة ، فراغ فكري في اليوم الأول من تضارب الأدلة والأسباب والتي تمنعني من تطوير رأي أستطيع أن أكون مسئولا عنه ، وفي اليوم الثاني حماقة ظالمة تتهم هذا وتقذف هذا و تزيف أي دليل تراه من أجل ترميم فكرتها يتيمة الأساس.
وقد
يسألني البعض حينها ، وهل عجزت عن الكتابة
إذن ؟!
،
وإجابتي بالطبع لا ، ولكنني اكتشفت بعض
عيوبي فيها ، فما أملكه من امكانيات إضافة
إلي الدقة والرقة والتهذيب غير قادرة عن
إيصال أفكاري إلى خط النهاية ، أجلس مبهورا
وأنا أقرأ لهذا المبدع جلال أمين وهو يكتب
عكس ما أميل إليه ويمزج كل المتناقضات
-التي
عجزت عن فهمها-
لينتج
رأيا يصيغه بذات التهذيب والدقة والرقة
، لم تملك نفسي سوى الإعجاب مما رأته
ابداعا حقيقيا لا تزييف فيه ولا إخفاء
للحقائق ، لم تملك سوى الإتفاق مع الرجل
الذي وبدون شك اكتسب احترامي لرأيه قبل
اتفاقي معه !!.
وهنا
يكمن سر إعجابي بأي كتابة كانت ، الإحترام
، فأنا حين أكتب لا أريد ممن أكتب له أن
يوافقني ، وإنما غاية أملي أن يحترم رأيي
، وكيف له ذلك إن احتوت كلماتي على إخفاء
للحقائق أو تزييف لها أو حتى تحقير لرأيه
المقابل ، وكيف له ذلك و كلماتي تمتلأ
بالإهانة والشتائم أو الإتهامات و الأحكام
المرسلة ، كيف له ذلك و كلماتي ينبع منها
انعدام المسئولية أو تحمل تبعاتها أمام
الله أولا قبل القانون أو الناس ثانيا.
كل
هذه الأسباب جعلتني أفكر كثيرا قبل أن
أمسك أقلامي في هذه المرحلة بالذات ،
فربما كما قال أصدقائي لم أكن بالجرأة أو
حب المخاطرة أو الشدة الكافية على الكتابة
والتعبير عن رأيي بطريقة مباشرة دون خوف
من نظرة القارئين لي ، ولكنني رأيتني
باحثا متأنيا عن مهارات أفضل في التحليل
والصياغة تجعل من دقتي ورقتي وتهذيبي
منهلا ينهل منه من يخالفني الرأي قبل من
يوافقني.
لعل
البعض يظنني الآن ساعيا إلى إرضاء الجميع ، و لست أنكر كوني ساعيا ، ولكن ليس إلى
رضائهم ، و إنما إلى احترامهم !!
فليلهمنا
الله الحكمة .
تحياتي
ش.ز
المهذب الرائع شريف زكريا :)
ردحذف