الجمعة، 13 يناير 2012

سعيا إلى احترامهم ... وليس إلى رضائهم ...


قال لي بعضٌ من اصدقائي ممن أقدر رأيهم بأنني لا أصلح لإدارة الأعمال !! ، لم استغرب ، فقد عللوا رأيهم بصفات فيّ لم أنكرها يوما ، قالوا بأنني لست مخاطرا ، وكثير الحذر والتدقيق ، رقيق المشاعر ، حالما ، بل وزادوا عليها صفة لم أتوقعها ، كوني مهذبا !!! .

فهمت قصدهم :) ، ولكنني زدت عليهم بأنني ولهذه الأسباب أيضا لا أصلح سياسيا ، وبسببها أيضا قاربت أن ابتعد أيضا عن هوايتي الأكبر الكتابة !! .

جاء دورهم في الإستغراب ، وجاء دوري للتوضيح عندها ، فالكتابة التي أعرفها وأقدرها هي ما كانت تأخذ الأسباب والأدلة لتنسج منها فكرة رصينة بنيت على أساس سليم لا يهتز ، وحينها لن تستغرب كاتبا يكتب اليوم رأيا وله حينها أسبابه ، وغدا يغير ذات الرأي مبينا أسبابه لتغيره . أما الكتابة التي لا أعرفها ولا أقدرها أيضا ، هي تلك التي يبدأ كاتبها بتبني فكرة ما ثم يبدأ في جمع أدلته عليها ، فيأخذ ما يؤكدها ، ويترك ما يناقضها ، ويضعها أمام الناس مؤكدا صحة رأيه وفكره ، وهي في الأصل افتراضية افتقدت الإنصاف و عادة ما يشوبها الكثير من الخطأ.


وفي الحقيقة فأنا لم أعد قادرا على التفريق بين الكاتبين بداخلي ، فأنا إن كنت اليوم ذلك الأول الذي يلملم كل ما يراه ليكون رأيا ، فأنا في الغد ذلك المدافع عن رأي يميل إليه ويحسبه صوابا بل ويبحث عن أدلة تثبته متجاهلا تلك التي تدحضه دحضا. والنتيجة ، فراغ فكري في اليوم الأول من تضارب الأدلة والأسباب والتي تمنعني من تطوير رأي أستطيع أن أكون مسئولا عنه ، وفي اليوم الثاني حماقة ظالمة تتهم هذا وتقذف هذا و تزيف أي دليل تراه من أجل ترميم فكرتها يتيمة الأساس.

وقد يسألني البعض حينها ، وهل عجزت عن الكتابة إذن ؟! ، وإجابتي بالطبع لا ، ولكنني اكتشفت بعض عيوبي فيها ، فما أملكه من امكانيات إضافة إلي الدقة والرقة والتهذيب غير قادرة عن إيصال أفكاري إلى خط النهاية ، أجلس مبهورا وأنا أقرأ لهذا المبدع جلال أمين وهو يكتب عكس ما أميل إليه ويمزج كل المتناقضات -التي عجزت عن فهمها- لينتج رأيا يصيغه بذات التهذيب والدقة والرقة ، لم تملك نفسي سوى الإعجاب مما رأته ابداعا حقيقيا لا تزييف فيه ولا إخفاء للحقائق ، لم تملك سوى الإتفاق مع الرجل الذي وبدون شك اكتسب احترامي لرأيه قبل اتفاقي معه !!.

وهنا يكمن سر إعجابي بأي كتابة كانت ، الإحترام ، فأنا حين أكتب لا أريد ممن أكتب له أن يوافقني ، وإنما غاية أملي أن يحترم رأيي ، وكيف له ذلك إن احتوت كلماتي على إخفاء للحقائق أو تزييف لها أو حتى تحقير لرأيه المقابل ، وكيف له ذلك و ‪كلماتي تمتلأ بالإهانة والشتائم أو الإتهامات و الأحكام المرسلة ، كيف له ذلك و كلماتي ينبع منها انعدام المسئولية ‬ أو تحمل تبعاتها أمام الله أولا قبل القانون أو الناس ثانيا.

كل هذه الأسباب جعلتني أفكر كثيرا قبل أن أمسك أقلامي في هذه المرحلة بالذات ، فربما كما قال أصدقائي لم أكن بالجرأة أو حب المخاطرة أو الشدة الكافية على ا‪لكتابة والتعبير عن رأيي بطريقة مباشرة دون خوف من نظرة القارئين لي ، ولكنني رأيتني باحثا متأنيا عن مهارات أفضل في التحليل والصياغة تجعل ‬ من دقتي ورقتي وتهذيبي منهلا ينهل منه من يخالفني الرأي قبل من يوافقني.

لعل البعض يظنني الآن ساعيا إلى إرضاء الجميع ، و لست أنكر كوني ساعيا ، ولكن ليس إلى رضائهم ، و إنما إلى احترامهم !!

فليلهمنا الله الحكمة .

تحياتي
ش.ز

هناك تعليق واحد: