كانت
سنوات على ضفاف اليأس ،
أمام الماء
الذي ليس يروينا ، الجميع كان يقاتل أمام
هذه الضفاف ، البعض بدافع الألم والتعب
لمجرد اغتراف غرفة منه علها قد ترويهم ،
و آخرون بدافع الإيمان والصبر والقدرة
على التحمل في محاولة لايقاظ التائهين
من هذه السكرة ، كي يمنعوهم من النهل من ذلك
النهر ، أو لمداواة من تسمموا من فساد
مياهه العكرة ،
كانت سنوات من المقاومة ، لم يصمد منا
الكثير ، فالنهر كان بلاؤنا ، كما كان
مرور الوقت بهذه السرعة أمامه هو البلاء
الأكبر ، فمياه النهر كانت هي الوحيدة
الجارية في بلادي ، وكان شق نهر ثان غيره
ليشرب منه الناس ضربا من خيال ، ربما للجهد
الذي يحتاجه ، وربما لصعوبة إقناع هؤلاء
الرابضين حول نهر اليأس بترك نصيبهم
المضمون في اليد لينهلوا من نهر جديد كان
بالنسبة لهم مجرد طير في السماء.
كنا
نبحث عن قمة تبعدنا عن تأثير هذا النهر ،
تبعدنا عن فساد الأجواء التي بدأنا نلتمس
تأثيره في صدورنا على ضفافه ، و تآثيره
الذي تسلل إلى عقولنا التي بدأت تستعذب
التهوان والتكاسل وقلة التفكير ، كنا
نريد إنقاذ أنفسنا بأنفسنا ، معضلة إنقاذ
الغريق بالغريق ، ومداوتها بالتي كانت
هي الداء.
كنا
نبحث عن شئ نفخر به في حياتنا ، أي شيء
يكتب في تاريخنا ، شيء كثورة يوليو التي
نسأل عنها أجدادنا ، و حرب أكتوبر التي
يحكيها لنا عنها آباؤنا ، شئ يسألنا عنه
من بعدنا ، شئ غير انتصارنا في البطولات
الكروية الأفريقية ، ومحاولاتنا المضنية
-
والفاشلة
-
للوصول
إلى كأس العالم !!.
ما
كنا نريد أن نصبح أبطالا أو قادة أو حتى
مؤثرين في هذه الأحداث ، بقدر ما كنا نريد
أن نعيشها ، أن تدخل آثارها في أعماقنا ،
في قلوبنا ومشاعرنا ، في جيناتنا الوراثية
، كنا نريد أن نتغير كما نريد أن نغير ،
كنا نريد أن نكسر قيودنا دون أن نتكسر ،
كنا نحتاج إلى القوة مجتمعة مع الحكمة
والعقل والمهارة ، كنا نريد أن ننتفض
انتفاضة واحدة ، بفكر واحد ورغبة واحدة
في تغير مسار حياتنا الذاهبة نحو القبور
دون أن تترك فوق تراب الأرض أي أثر يذكر
، كنا ننتظر الفرصة ، وكان لابد لنا من
اقتناصها ، حتى نسجلها في تاريخنا ، أو
يسجلها التاريخ على ألسنتنا ، أننا عشنا
في عمرنا شيئا عظيما ، أننا عشنا في عمرنا
ثورة !
يتبع
في
عمرنا ثورة (١)
: نبش
القبور
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق