الأربعاء، 28 مارس 2012

الإجابة .. عمرو خالد ..


أيا كان اللقب الذي نحاول التوافق عليه ، فأيام الرئيس السابق أو المخلوع أو القاتل أو السفاح أو الطاغية أو غيرها من الألقاب ، كانت ذي نفع كبير !!.

فقديما لم يكن لدينا تلك الصعوبة في تصنيف البشر ، فكل ما عدا مبارك وعصابته كانوا من الأخيار ، الإخوان المناضلون ، والسلفيون المضطهدون ، والليبراليون المعارضون على صفحات الجرائد و قنوات التلفاز! .

كانت عقولنا في راحة ، فالأشرار والفاسدون فقط هم أتباع مبارك ، والآخرون حتى وإن أخطئوا ، فأخطائهم مبررة بفساد مبارك وأعوانه الذين تعمدوا بل وأجبروا الكثير للإنجرار ورائهم والإشتراك في فسادهم .

اليوم لم يعد هناك وجود لهذه الراحة ، ولم يعد هناك مكان لهذه المعايير الفاسدة التي بنينا عليها هذا التصنيف السابق ، فمبارك لم يعد موجودا ، والأقلية قديما باتت الأغلبية ، والمعارضون جعلوا يبحثون عن مبارك ليعارضوه فلم يجدوا ، وصار واجبا على بعضهم أن يخلقوا طاغيا مثله ليكملوا طريق المعارضة التي أدمنوه ! ، العقول ارتبكت ، و الصورة التي كانت ساكنة ولعمر كامل مر على أكثرنا صارت دائمة الحركة الآن ، والأشرار والأخيار صاروا يتبادلون الأماكن يوميا ، ومع فقدان معيار جديد يوقف هذا الإضطراب في تفكيرنا ، صرنا تائهين ، بل واستقبلنا اليأس ضيفا على صدورنا هذه الأيام.


ما أدركه الآن ، وما أحاول اقناع الآخرين به ، أن هذه الإختلافات والأزمات التي تحدث على المستوى السياسي والإجتماعي ، هي نتيجة طبيعية لثورة قمنا بها حقيقة على راحة عقولنا تلك ، لم يعد في الوسط السياسي مجالا لتصنيف الأشرار والأخيار الذي كنا نركن إليه سابقا ، فنحن من نشكل الوسط السياسي الآن ، بتفكيرنا بخلافاتنا ومناقشاتنا وانتقاداتنا ومحاولاتنا الجاهدة لوصول لتوافق نراه أحيانا صعب المنال ، أخبر أصدقائي أن لا مجال في مصر بعد الثورة لرئيس يتفق مع مجلس شعبه على طول الخط ، فلما الهلع من خلاف الإخوان مع المجلس العسكري ، وهو القائم بمقام الرئيس الآن ، لم التخوين لفصيل لم يلبث في سلطة منقوصة أكثر من شهرين وهو الذي يخطو خطوته الأولى في ديمقراطية نشاركه نحن فيها بأخطائنا ذات الخطوات ! ، لم التعجب من صعوبة الوصول إلى التوافق ونحن لازلنا نرسم دوائرنا و نحاول البحث عن تقاطعاتها المشتركة مع الآخرين من خلال مواقف تمر علينا جميعا تكشف لنا ما هية الجميع وأيدولوجية أفكارهم ! .

المعيار الذي أحاول إقناع الكثيرين -ممن يتهمونني بالإنحياز للإخوان المسلمين- بأنه هو من سيجمعنا ، هو معيار مصلحة الوطن ، هذا المعيار الذي لا يمكن لوطني يعشق بلاده إخوان كان أو غيره أن يحيد عنه . يمكن لمن يريدون التصنيف أن يفعلوه على أساس هذا المعيار إذن ، ليس من يختلفون وينتقدون بل ويسبون الإخوان هم أعداء الوطن ، ولكن من يستقوون بالمجلس العسكري ويدعونه للإنقضاض على السلطة وخطفها من الإخوان لمجرد خلافهم السياسي معهم ، هؤلاء هم أعداء الوطن والأشرار إن أردنا الإصطلاح. الإخوان كما قلت سابقا ، ليسوا أفضل فصيل يحكم البلاد الآن ، ولكنه الأكثر تنظيما ، والقادر على الحشد ولم الصف ، مما يجعل فكرهم -رغم عواره- خير أفكار أكثر نضوجا واكتمالا ولكن كالعادة يشوبها التشتت و انعدام النظام.

ليست أزمة الدستور هي في سوء اختيار شخصيات أو في زيادة عدد المقاعد التي أخذتها الأغلبية كما قد يصورها البعض ، ولكن الأزمة هي في خطأ شاركت في صناعته تلك الأغلبية باعتمادها معيار الثقة قبل معيار الكفاءة في اختيار أعضاء هذه اللجنة ، وهو ما قد لا يؤثر على صناعة الدستور بقدر ما يؤثر في صناعة عقلية من يحكم مصر من بعد ثورة قامت لقلب تلك المعايير المختلة ، ثورة قامت لتجعلنا نختار الأفضل لبلادنا حتى وإن كان من ألد خصومنا ، فلا يعقل أن يستمر نمط اختياراتنا يدور في فلك اختيار مفيد شهاب وزيرا للتعليم العالي دون أحمد زويل ، و أبو الغيط وزيرا للخارجية دون نبيل العربي ، و يوسف بطرس غالي وزيرا للمالية دون حازم الببلاوي !!!

أخطأت الأغلبية ؟! ، نعم ، وربما أميل أنا نحو افتراض حسن نواياهم ، وأنهم افتقدوا الخيال والتجديد و تقدير اللحظة التاريخية في التعامل مع مسألة الجمعية التأسيسية الدستور ، والواجب علينا هو انتقادهم و إظهار عوار أفكارهم ، وليس هذا في سبيل الإنتقام منهم أو تصفية الحسابات ، ولكن في سبيل استكمال الثورة وتحقيق هدفها الأصعب ، وهي تغيير العقول والأيدلوجيات التي تربى عليها شعب مصر وحكامها خلال أكثر من خمسين عاما أو يزيد.

يمكن للإخوان وبسهولة العودة إلى أحضان الثورة بل والإحتماء بها ، بمجرد الكف عن الإدعاء الدائم بالرغبة في حمايتها من أناس قاموا بها في الأصل ! ، الواجب عليهم -وهم أول من يدركون قيمة الجماعة والوقوف في صف واحد- أن يعملوا جاهدين على توحيد صفوف الفصائل السياسية المتفرقة لبناء وطن يحتاج إلى جهود الجميع ، وليسقطوا جماعتهم بأيديهم إن كان سقوط الوطن هو مقابل بقاءها ، فلا مكان للجماعة ولا مرحبا بها إن سقط الوطن ، ويا مرحبا بهم نواة لجماعة وطنية أكبر تجمعهم بمن شاركوهم ثورة أبهرت العالم بحضارتها ، جماعة سنسميها الإخوان المصريين !.

لسنا على مفترق طرق كما قد يظن البعض ، وإنما في بداية طريق طويل لتغيير حقيقي ننشده ، يصبح فيه من الطبيعي أن تستيقظ لتجد اعتصامات لعمال يطالبون بحقوقهم ، و طلاب يمارسون حقوقهم السياسية ، واضرابات تحدث هنا وهناك ، وحياة تستمر ودولة تقبل النقد والمسآءلة ، وتضرب بيد غير مرتعشة على من يخرجون على القانون ، كبيرهم وصغيرهم ، الثورة لا زالت حقا مستمرة ، حتى تصبح هذه الأحداث هي الطبيعية في حياتنا وليس العكس.

فليعقل الساسة أمورهم ولينظروا وبعين الدقة إلى أمانة باتت بأيديهم ، ووطن يكتبون تاريخه بأنفسهم ، تاريخ سيذكرهم كمجددون أحيوا آمال أجيال قادمة بأفعالهم ، أو مخربون أماتوا طموحات هذه الأجيال بتفرقهم وشتاتهم !

هذا ما كان من أمر السياسة عندي ، فما جاء بذكر عمرو خالد في عنوان هذا المقال ؟!

حقيقة فجلّ ما كنت أخشاه طوال تفكيري في أحداث الأيام الماضية ، أن يسألنا أبناؤنا في المستقبل عمن عمل جاهدا لخدمة هذا الوطن وشعبه و تغيير عقليته ومحو جهله دون أي اعتبار لمصلحته الشخصية ، فلا يمر في بالنا إلا إجابة واحدة : عمرو خالد !!

وللحديث بقية عن عمرو خالد

تحياتي
ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق