الأحد، 22 يوليو 2012

رمضات ٣ : ضعف الطالب والمطلوب !!





يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ

الحج ٧٣


فاستمعوا له !!



الله يطلب من الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم أن يستمعوا إلى هذا المثل الذي يضرب ، وأن يعملوا عقولهم فيه ، لعلهم يرشدون ، والمثل حقا يستحق الاستماع إليه ! .



المثل آية في شرح أهم متناقضات حياتنا ، الضعف والقوة ، المثل آية في شرحهما ، وشرح كيف ينبت كلاهما من رحم واحد ، ولكنها أهوائنا التي تزين لنا احدهما فيما أحبت ، والآخر فما كرهت !!

يضرب الله لنا مثلا بين ضعيفين ، أحدهما يظن الناس فيه القوة ، والآخر يعترف الجميع بضعفه وضآلته !! ، والسؤال الآن أي من هذين الضعيفين أقوى من الآخر ؟! أي منهما يملك القوة على الآخر ، أي منهما قادر أن يفرض إرادته على الآخر ؟!

قد تعجز عن إجابة هذا السؤال عند قرآءتك للمثل القرآني ، فالأول مع قوته وسطوته التي يعترف بها الجميع لم يستطع أن يخلق الثاني ولو اجتمع مع من مثله في قوته المزعومة ، والثاني مع ضعفه الذي لا ينكره أحد استطاع أن يسلب الأول أشيائه وهو عاجز أمامه عن استردادها !!

ضعف الطالب والمطلوب !!

فلا مجال للقوة هنا !! ، السؤال الأصح من هو الأضعف فيهما ؟! ، فهذا هو مجال المنافسة لديهم وفيه فليتنافسان !!

الطالب ضعيف ، و ضعفه في ظنه أنه قوي ، والمطلوب ضعيف في أصله ولكنه فاقه باعترافه بهذا الضعف !!

فاقه بادراكه لضعفه و استغلاله له كي يسلبه أشيائه ، بينما انشغل الأول في غروره و بحثه عن قوة لم يمتلكها فصار أقل منه قوة !!

ألا زلت مستغربا ؟! ، ألا زلت ترى القوة في الأشياء الأكبر حجما أو الأشد بأسا ؟! ، إذن فلتنظر إلى الحديد كيف يفتته بعض الصدى !! ، ولتنظر إلى الإنسان كيف يقتله فيروس لا يحتمل البقاء ثانية في الهواء !! ، لتنظر ولتعتبر !! ، فليس القوي من امتلك القوة ، وإنما القوي من أدرك ضعفه أمام من هو أقوي منه ، وأمام من هو أضعف أيضا !! ، فلنتوقف لنعترف كم يمنعنا غرورنا من ادراك ضعفنا ، فلنتوقف لندرك حجمنا الحقيقي ، لنعلم أن هناك من هو أضعف منا ويستطيع أن يهزمنا كما يستطيع أن يسلبنا ما لا نستطيع رده !! ، فلنتوقف لنعلم أن هناك ما هو فوقنا في القوة ، كما أن هناك من هو فوقنا في الضعف !! ، نعم فوقنا في الضعف !! ، وفي اعترافه بضعفه ما قد يقويه عنا ، بل ويجعل له الغلبة علينا !!.

فسبحانه تعالى حين قال:

إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ


البقرة ٢٦


تحياتي
ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق