وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا
البقرة ١٤٣
هكذا
اختار الله لنا موقعنا ، في الوسط ، وفي
المباشرة من صراطه المستقيم ، فإن اتبعنا
منهجه صرنا أقرب الناس إليه ، وإن انحرفنا
، ابتعدنا ، وانضممنا إلى من ستشهد عليه
الأمة الوسط التي ذكرها الله في كتابه.
وليست
الوسطية التي يذكرها الله هي السلبية
والبقاء على الحياد دون اتخاذ الموقف
الحق ، وإنما الوسطية هي البعد عن الإفراط
دون التفريط ، وإعمال العقل دون تعطيله
، والكرم دون الإسراف ،و التجاوز دون
التنازل ، والقوة دون البطش ، والرحمة
دون الضعف.
يقول
القرضاوي :
"الوسطية
، التي تؤهل الأمة للشهادة على الناس ،
وتبوئها مكان الأستاذية للبشرية …
وهي
وسطية شاملة جامعة :
وسطية
في الاعتقاد والتصور ، ووسطية في الشعائر
والتعبد ، ووسطية في الأخلاق والسلوك ،
ووسطية في النظم والتشريع ، ووسطية في ال
أفكار والمشاعر.
وسطية
بين الروح والمادية ..
بين
الواقعية والمثالية ..
بين
العقلانية والوجدانية ..
بين
الفردية والجماعية بين الثبات والتطور.
إنها
الأمة التي تمثل (الصراط
المستقيم)
بين
السبل المتعرجة والملتوية ، صراط الله
الذي له نا في السماوات وما في الأرض ،
صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين ، لا صراط
المغضوب عليهم ولا الضالين”.
فلم
يأت الدين أبدا لمنع متعة الانسان ، ولكن
لينظمها ، فما بات أن اصطدم بمن يريد أن
يبلغ منتهى متعته بلا حدود ولا قيود ،
فيأكل كما يشاء ، ويلبس كما يشاء ، ويقول
ما يشاء ، وفي الحقيقة فالدين لم يمنعه
أن يفعلها ، ولكن بوسطية يلتزم فيها بحدود
الله ولا يتعداها ، ولكنك تري من يحيدون
عن تلك الوسطية ، فيرون في تلك الحدود
قيدا وتخلفا ، فلا يصح للمرأة أن تشارك
في سباق للعدو وهي ساترة جسدها وشعرها ،
ولا يصح للتاجر أن يعمل دون ديون وطفف ،
ولا يصح للسياسي أن يسوس بلاده دون خداع
وسرف ، هكذا حادوا عن وسطية أرادها الله
لهم ، فاستحقوا مكانهم الأدنى بعيدا عن
مكان عظيم لم يستحقوه !!
.
يقول
الشعراوي :
“الله
سبحانه يريد من المؤمنين أن يعيشوا مادية
الحياة بقيم السماء ..
وهذه
وسطية الإسلام، لم يأخذ الروح وحدها ولا
المادة وحدها ..
وإنما
أوجد مادية الحياة محروسة بقيم السماء
.. فحين
يخبرنا الله سبحانه أنه سيجعلنا أمة وسطا
تجمع خير الطرفين نعرف أن الدين جاء ليعصم
البشر من أهواء البشر.
الله
تبارك وتعالى يريدنا أن نبحث في ماديات
الكون بما يخلق التقدم والرفاهية والقوة
للبشرية ..
فما هو
مادي معملي لا يختلف البشر فيه ..
لكن ما
يدخل فيه أهواء البشر ستضع السماء لكم
قانونه ..
فإذا
عشتم بالأهواء ستشقون ..
وإذا
عشتم بنظريات السماء ستسعدون.
”
وفلنصبح
إذن شهداء على الناس ، وحجة عليهم ، حين
نكون قد فعلنا ما أرادنا بمنهج الله فنكسب
الدنيا والآخرة ، وفعلوه هم ما أرادوا
بعيدا عن منهج الله فكسبوا الدنيا وخسروا
الآخرة !
تحياتي
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق