المؤمنون ٩٦
هي
دعوة الإسلام إلى الأحسن ، فهذه ليست
الآية الوحيدة التي دعى الله فيها للأخذ
بالتي هي أحسن أمام أي سئ أو أسوء ، وهي
فكرة تبني مسلما يعلم قيمة الأحسن وقدرته
في مواجهة الأسوء ودحضه بل واستمالته
لمنافسته في الحسن !!.
يقول
القرضاوي:
"ولا
عجب إن أن رأينا القرآن يأمر باستثمار
مال اليتيم (بالتي
هي أحسن)
الأنعام
١٥٢ ، ودفع السيئة (بالتي
هي أحسن)
المؤمنون
٩٦ و فصلت ٣٤ ، والجدال (بالتي
هي أحسن)
النحل
١٢٥ ، وذلك ليكون الأحسن في كل شئ ، هو ما
ينشده الإنسان المسلم القرآني "
فالسبيل
هنا ليس مقابلة السيئة بالسيئة مثلها ،
فهذا ما يولد سلسلة من السوء لا تنتهي ،
وإنما السبيل هو معادلة السيئة بالأحسن
كمن يعادل شحنة سالبة بشحنة موجبة أكبر
منها ، وهو ما يقتل السلبية وينهيها ، وبل
ويوجهها إلى اتجاهات ايجابية جديدة.
يقول
الشعراوي :
"وفي
موضع آخر يعطينا ثمرة هذا التصرُّف
الإيماني:(فَإِذَا
الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ
كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)
[فصلت:
٣٤]
ولو
تأملتَ معنى هذه الآية لوجدتَ أن المجازاة
من الله، وليست ممّنْ عاملْتَه هذه
المعاملة؛ لأن الله تعالى يقول:(كَأَنَّهُ)
[فصلت:٣٤]
ولم
يقل: يصبح
لك وليًا حميمًا.
ذلك
لأنك حين تدفع بالتي هي أحسن يخجل منك
صاحبك، ويندم على إساءته لك، ويحاول أنْ
يُعوِّضك عنها فيما بعد، وألاَّ يعود إلى
مثلها مرة أخرى، لكنه مع كل هذا لا يُسمَّى
وليًا حميمًا، إنما هو ولي وحميم؛ لأنه
كان سببًا في أنْ يأخذك ربك إلى جانبه،
ويتولاك ويدافع عنك.
لذلك
لما شتم أحدهم الحسن البصري وسبَّه في
أحد المجالس، وكان في وقت رُطَب البلح
أرسل الحسن إليه طبقًا من الرُّطَب وقال
لخادمه:
اذهب
به إلى فلان وقُلْ له:
لم يجد
سيدي أثمن من هذا يهديه إليك، وقد بلغه
أنك أهديت إليه حسناتك بالأمس، وهي بلا
شك أعظم من هديتي تلك.”
وهناك
من لا يفرق بين الحسن والأحسن ، ولا يجد
فرق في استخدام أيهما ، ولكن الحقيقة أنه
إن كان هناك من يقبل الحسن من الأمر ،
فهناك من لا يصلح التعامل معه إلا بالأحسن
خاصة إن كان مخالفا لك و رجوت دعوته إلى
رأيك أو جداله فيه.
يقول
القرضاوي :
“ونلاحظ
أن القرآن اكتفي في الموعظة بأن تكون حسنة
، ولكنه لم يكتف في الجدال إلا بالتي هي
أحسن ، بمعنى أنه لو وجدت طريقتان للجدال
أو للحوار :
طريقة
حسنة جيدة ، وطريقة أحسن منها وأجود ،
فالمسلم مأمرو أن يحاور المخالفين بالطريقة
التي هي أحسن وأجود.
ولماذا
خالف القرآن بين الموعظة والجدال أو
الحوار ؟ لأن الموعظة تكون عادة مع
الموافقين لك في الدين ، وإما الجدال أو
الحوار فيكون مع المخالفين ، والوافقين
يكفي أن تخاطبهم بالأسلوب الحسن ، أما
المخالف فيحتاج إلى الذي هو أحسن.
”
فالأحسن
هو بذور الخير تزرعها في صدور أعدائك ،
فينقلبوا برحمة الله أعوانا ، وهو منهج
في الحوار وفي الدعوة و في التعامل ، فما
كانت الشدة والقسوة بأكثر انتاجا من الرفق
واللين ، وإلا لكانت اسلوب خير الأنبياء
في دعوة قومه !.
قال
تعالى :
آل عمران ١٥٩
تحياتي
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق