بَلْ
مَتَّعْنَا هَؤُلاء وَآبَاءَهُمْ حَتَّى
طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا
يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ
نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ
الْغَالِبُونَ
الأنبياء ٤٤
أعلم
أن هناك من فسر الآية هذا التفسير العلمي
المتداول ، فصارت على ألسنة الجميع دليلا
على بيضاوية الأرض ونقص استدارتها ، وأن
القرآن يحمل من المعجزات ما يتم تفسيره
حديثا ، وهذا وإن صح فإنه يحمل تفسير الآية
على ظاهرها فقط ، ويخرجها من سياقها !
يقول
الشعراوي :
وهذه
آية من الآيات التي وقف عندها بعض علماءنا
من النبيين من بعمليات القرآن، فلما أعلن
العلماء أن الأرض بيضاوية، لشكل، وليست
كاملة الاستدارة، يعني:
أقطارها
مختلفة بالنسبة لمركزها، سارع بعضهم من
منطلق الغَيْرة على دين الله ومحاولة
إثبات صِدْق القرآن، وأنه سبق إلى ذِكْر
هذه المسألة فقالوا:
لقد ذكر
القرآن هذا الإكتشاف في قوله تعالى:(أَفَلاَ
يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا
مِنْ أطرافها)
[الأنبياء:
٤٤]
يعني:
من ناحية
خط الاستواء، لا من ناحية القطبين.
وغفل
هؤلاء أن الآية تقول:
(نَنقُصُهَا
مِنْ أطرافها)
[الأنبياء:
٤٤]
لا من
طرفها، فالنقص من جميع الأطراف، فمِثْل
هذه الأقوال تفتح الباب للطعن في القرآن
والخوْض فيه.
الآية
في سياقها تناقش نزع الملك وتداوله بين
الناس ، فالأرض اليوم كافرة غدا مسلمة ،
واليوم ظالمة وغدا هي في أيد أصحاب العدل
، فلا أرض يملكها أحد على الدوام ، وإنما
يقدرها الله لمن يشاء ، فمن ظن أنها قد
تستمر في يده ، فليحذر نقصانها من أطرافها
لصالح غيره
قال
القرضاوي :
والنص
في الآيتين بعيدا عن موضوع الكروية
والفرطحة ، إنما هو في إدالة الدول ،
وتقليب الأيام عليها ، فكم من دولة نقص
من أطراف أرضها لحساب دولة أخرى ، كما حدث
بين فارس والروم ، وفي هذه بشارة للمسلمين
أن الله سيفتح عليهم بلاد الكفر ، وينقصها
من زطرافها لصالح الإسلام ، ولهذا كان
التعقيب (أفهم
الغالبون)
فسبحان
مقلب القلوب ومدول الدول ، ومضيق الأرض
وموسعها ، وجاعل الملوك في أضيق السجون
، وجاعل من ضاقت عليهم الأرض ملوكا على
أوسعها حين تشاء .
تحياتي
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق