الجمعة، 3 أغسطس 2012

رمضات ١٥: ننقصها من أطرافها ..



بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاء وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ
الأنبياء ٤٤

أعلم أن هناك من فسر الآية هذا التفسير العلمي المتداول ، فصارت على ألسنة الجميع دليلا على بيضاوية الأرض ونقص استدارتها ، وأن القرآن يحمل من المعجزات ما يتم تفسيره حديثا ، وهذا وإن صح فإنه يحمل تفسير الآية على ظاهرها فقط ، ويخرجها من سياقها !

يقول الشعراوي :
وهذه آية من الآيات التي وقف عندها بعض علماءنا من النبيين من بعمليات القرآن، فلما أعلن العلماء أن الأرض بيضاوية، لشكل، وليست كاملة الاستدارة، يعني: أقطارها مختلفة بالنسبة لمركزها، سارع بعضهم من منطلق الغَيْرة على دين الله ومحاولة إثبات صِدْق القرآن، وأنه سبق إلى ذِكْر هذه المسألة فقالوا: لقد ذكر القرآن هذا الإكتشاف في قوله تعالى:(أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أطرافها) [الأنبياء: ٤٤] يعني: من ناحية خط الاستواء، لا من ناحية القطبين.
وغفل هؤلاء أن الآية تقول: (نَنقُصُهَا مِنْ أطرافها) [الأنبياء: ٤٤] لا من طرفها، فالنقص من جميع الأطراف، فمِثْل هذه الأقوال تفتح الباب للطعن في القرآن والخوْض فيه.

الآية في سياقها تناقش نزع الملك وتداوله بين الناس ، فالأرض اليوم كافرة غدا مسلمة ، واليوم ظالمة وغدا هي في أيد أصحاب العدل ، فلا أرض يملكها أحد على الدوام ، وإنما يقدرها الله لمن يشاء ، فمن ظن أنها قد تستمر في يده ، فليحذر نقصانها من أطرافها لصالح غيره

قال القرضاوي :
والنص في الآيتين بعيدا عن موضوع الكروية والفرطحة ، إنما هو في إدالة الدول ، وتقليب الأيام عليها ، فكم من دولة نقص من أطراف أرضها لحساب دولة أخرى ، كما حدث بين فارس والروم ، وفي هذه بشارة للمسلمين أن الله سيفتح عليهم بلاد الكفر ، وينقصها من زطرافها لصالح الإسلام ، ولهذا كان التعقيب (أفهم الغالبون)

فسبحان مقلب القلوب ومدول الدول ، ومضيق الأرض وموسعها ، وجاعل الملوك في أضيق السجون ، وجاعل من ضاقت عليهم الأرض ملوكا على أوسعها حين تشاء .

تحياتي
ش.ز


0 التعليقات:

إرسال تعليق