السبت، 4 أغسطس 2012

رمضات ١٦ : مثقال ذرة !!


فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨ 
الزلزلة



هو الميزان الإلهي الذي لا تفوته ذرة في مقاييسه ، ميزان يغفله الإنسان فيستصغر المعروف فلا يفعله ، أو يستصغر السيئة فيفعلها ظنا أنها لن تزن في ميزانه شيئا يوم الحساب ، ولكن الله وعد عباده أن يروا كل ذرة فعلوها ، بل وربما كانت تلك الذرة هي الفاصلة في مصيره نحو جنة ربه أو ناره !

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك ووجهك منبسط إليه”

فمن منا لا يحقر تلك الإبتسامة ؟!، من منا فكر أن يلق أخاه مبتسما إرضاء لربه ؟! ، من منا فكر أن يواسي حزينا ، أو أن يشجع صديقا خائر العزم ؟! ، من منا أعد كوبا من الشاي لأمه أو أبيه ؟! ، أو رتب وسادة ينامان عليها ؟! ، من منا داعب طفلا يلعب في الشارع ؟! ، من منا أزال حجرا عن طريق الناس ؟! ، أو ساعد عجوزا لتعبر الطريق ؟! ، من منا سقى كلبا ، من منا أطعم قطا ، من منا ساعد نملة رآها تجاهد أن تخرج من الماء فأخرجها ولم يغرقها ؟!!!.

هي أفعال أصغر من أن تمر ببالنا أحيانا ، فنحن نبحث عن الأفعال العظام ، نبحث عن جبل نحمله يثقل موازيننا ، و ننسى أن ذرات الرمال قادرة على أن تثقل موازيننا أيضا ، بل أن فعلها قد يكون مفتاحا من مفاتيح دخول جنة ربنا.

يقول نبي الرحمة :
بينما بغي من بغايا بني إسرائيل تمشي، فمرت على بئر ماء فشربت، وبينما هي كذلك مر بها كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فعادت إلى بئر الماء؛ فملأت موقها، -أي: خفها- ماءً، فسقت الكلب فغفر الله لها”

فلا تقللن من خير فلربما كان مسلكك إلى الجنة ، ولا تقللن من شر فلربما كان مسلكك إلى النار ، ولا تظن أن قليل الخير لا يصلح معروفا ، فدرهم واحد قد يكفي نفسا عن السؤال ، و تمرة واحدة قد تسد جوعا ، وقول طيب قد يحيي قلبا . ولا تظن أن قليل السوء لا يعد إثما ، فسقطة لسان قد تفتن شعبا ، وإهانة إنسان قد تؤلم قوما ، و ضغينة تزرعها بداخلك -وإن لم تخرجها- تلوث دمك ، فاقتلها قبل أن تقتلك!.

يقول سيد قطب في ظلال القرآن :
"عندئذ لا يحقر (الْإِنْسانُ) شيئا من عمله. خيرا كان أو شرا. ولا يقول : هذه صغيرة لا حساب لها ولا وزن. إنما يرتعش وجدانه أمام كل عمل من أعماله ارتعاشة ذلك الميزان الدقيق الذي ترجح به الذرة أو تشيل! إن هذا الميزان لم يوجد له نظير أو شبيه بعد في الأرض .. إلا في القلب المؤمن ..

القلب الذي يرتعش لمثقال ذرة من خير أو شر ... وفي الأرض قلوب لا تتحرك للجبل من الذنوب والمعاصي والجرائر .. ولا تتأثر وهي تسحق رواسي من الخير دونها رواسي الجبال ..

إنها قلوب عتلة في الأرض ، مسحوقة تحت أثقالها تلك في يوم الحساب!!”

فليحيي كل منا قلبه ، وليزل عنه أثقالها ، ولينشر ذراري الخير من حوله ، والتي ستنبت خيرا لا يحصوه ، وليحبسوا ذرارري الشر عن الناس ، فلعلها تنبت سما يدور فيذوقوه هم أو ذويهم يوما !

تحياتي
ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق