الأحد، 10 فبراير 2013

الحجر الأسود !! ..



كطير ملّ ضوضاء المدينة كنت أنا !!

لم أعد أشعر بالجوع ولا بالعطش ولا بالرغبة في الاستماع أو حتى مجرد التغريد !!

ما فعلته ليس إلا أن فردت جناحي وأنطلقت لأعلى نحو سحاب أكثر نقاء ً مما تنتجه هذه الضوضاء من سواد وخبث ، لم أحاول حتى أن أنظر إلى الأسفل كعادتي ، لألقي على الأرض نظرتي المتفائلة الفوقية البعدية عن التفاصيل ، فقد جن البشر ! ، و أنا بحاجة إلى أن احتفظ بقلبي ساكنا بعد أن كادت تقتله نبضاته بين هؤلاء !!

ما أردته هو المشاركة في بنائهم ، ما وددت أبدا أبني كعبة مقدسة يطوفون حولها !! ، ما أردت أن أشاركهم خلافهم : أيهم يضع الحجر الأسود مكانه ؟! ، والبناء في الحقيقة فوق رؤوسهم يكاد أن ينهار !!

مغرورون هم البشر ، مستمرون في تيههم ، يوغرون في أخطائهم ، يملؤهم كبرهم ، ويعوزهم في الحقيقة من يشهدون له بالصدق والأمانة !! ، يحتاجون من يفرد لهم ردائه ، ليحملون عليه حجرهم الأسود ، الذي يتنازعون عليه ، والذي يشبه سواد قلوبهم ، والذي ما يحملوه إلا لينالوا شرفا أرادوه ، و لكنهم ما عملوا له صدقا ولا أمانة !!

انطلق إلى الصحراء ، حيث لا أبنية هناك ، ولا أحجار سوداء ولا بيضاء ، ولا بشر !! ، حيث لا تنافس هناك بين مخلوقاتها البرية حول من صاحب انجاز بناء كثبان الرمال ، وحول من نال شرف حفر تلك الجحور في الجبال !!. أنطلق إلى الصحراء حيث المطر الذي يهطل فلا يحتكره أحدهم بدعوى تنظيمه ، ولا يتصارع عليه حيوانات لا تعقل !! ، لكنه يضيع في أعماق الأرض هدرا متمنيا لو بنى أحدهم ولو عشا ليجمعه فيه ! .

أعود لأتعجب من البشر !!

اتركوا الحجر الأسود لأحدكم ، واذهبوا لتجمعوا المطر !! .

اذهبوا لتجمعوا المطر ، فالبناء ما دام فارغا ، لن يحميه حجرٌ من خطر ، لن يحميه شرفكم ، ولا كبريائكم ، ولا غروركم الذي تجمعوه في الصدور ، لن يحميه إلا خيرا يملؤه ، وإلا ففي النهاية سيسقط وينهدم .
سيسقط وينهدم !!

اللهم ارزقنا بمن يفرد ردائه لنا صدقا وأمانة ، لنفرغ عليه سواد قلوبنا ، ولنبني به ما نجمع فيه الخير والمطر !

ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق