وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِيَنَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ..
البقرة ١١٨
فإن تشابهت القلوب فلا
قيمة لعلم ولا منطق يتحدث ..
ولا عجب إن رأيت الآن
في الناس مع اختلاف عقولهم من يملكون ذات
الصفات المذمومة من انعدام للضمائر والطمع
والجشع و الجزع وغيرها ، فهم في الحقيقة
لم يعملوا عقولهم ولم يؤثر فيهم أي منطق
أو علم قد اكتسبوه ، وإنما غلبتهم قلوبهم
وما هوت ، فما عاد هناك فرق بينهم وبين من
جهلوا ، ولذا يؤكد الله عز وجل في آياته
أن العقول إن تفاوتت في معرفتها ولم ينتج
عنها غير ذات القول فهي علامة على تشابه
القلوب وأهوائها.
يقول الشعراوي :
"لذلك
قال الله تبارك وتعالى:
تشابهت
قلوبهم..
أي
قلوب أولئك الذين كانوا خاضعين للمنهج
والذين لا يخضعون لمنهج قد تشابهت بمنطق
واحد.
ولو
أن الذين لا يعلمون قالوا ولم يقل الذين
يعلمون لهان الأمر..
وقلنا
جهلهم هو الذي أوحى إليهم بما قالوا..
ولكن
ما عذر الذين علموا وعندهم كتاب أن يقولوا
أرنا الله جهرة..
إذن
فهناك شيء مشترك بينهم تشابهت قلوبهم في
الهوى..
إن
مصدر كل حركة سلوكية أو حركة جارحة إنما
هو القلب الذي تصدر عنه دوافع الحركة..
ومادام
القلب غير خالص لله فيستوى الذي يعلم
والذي لا يعلم "
فما
كانت الآيات والبراهين يوما إلا إثباتا
للعقول ، فهي القادرة على تحليلها وتأكيدها
أو نفيها ، فإن فشلت فقد ضلت و اتبعت أهواء
قلوبها.وما
كانت الآيات والبراهين يوما إلا طمأنة
للقلوب ويقينها ، فإن فقدت ذاك اليقين
فلا حاجة لها لآيات لن تنشأ بداخلها ما
لم يولد بها من قبل. فالآيات
وبيانها لمن يوقن ، أما من فقد اليقين ،
فما طلبه للآيات والبراهين إلا ليخضعها
لهوي نفسه الضال ، و مهما بلغ بيانها فهي
بالنسبة له مجرد سحر مبين !!.
يقول
سيد قطب في ظلاله :
"والذي
يجد راحة اليقين في قلبه يجد في الآيات
مصداق ليقينه ، ويجد طمأنينة ضميره ،
فالآيات لا تنشئ اليقين ، إنما اليقين هو
الذي يدرك دلالتها ويطمئن إلي حقيقتها ،
ويهئ القلوب للتلقي الواصل الصحيح"
ربنا لا تزغ
قلوبنا بعد إذ هديتنا واجعلنا ممن يعقلون
فيعلمون ويعملون بما علموا يا رب العالمين.
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق