إلى من تحيا بأرضي ، وما عدت أحيا بأرضها …
سلام
نهري المضطرب إلي بحرك الهائج …
أما
بعد …
فإني
قد جعلتُ أبحث في أرجاء الفؤاد وبين أقدام
الحمائم والطيور عن رسالةٍ تطمئنني عليك
، فلم أجد .
ما
كنت أتوقع منك شيئا ، لكنه القلق قد أنتابني
عليك ، وصرت أسأل نسائم الهواء علّها قد
مرت يوما بين رئتيك ، فاستمعت نبضات قلبك
، لتخبرني ، أحزينة أنت مثلى على حال الوطن
؟!!.
الوطن
حبيبتي ، ذاك الذي لا زال يبحث عن المحبين
، عن أناس يحققون أحلامه قبل أن يحققون
أحلامهم فيه ، عن أناس يحتضنون قلبه لا
أن يكسروه ، عن من يريدونه قبل أن يتغير
لا بعد أن يغيروه ، عن من يطمئنوه ، لا من
يتنازعوه ، وكأنه من أملاكهم ، وهم أملاكه
ولم يملكوه ، وكأنه من أطفالهم ، و هم
أطفاله و بنوه ، الوطن حبيبتي مسكين غارق
في حزنه و برفقة من يكرههم ..
و يكرهوه
!!!.
أعرف
حزنك علي الوطن ، وكم تمنيت أن أكون جوارك
لأواسيك ، لكنه الوطن يحتاجنا أن نواسيه
، يحتاج أن نمسك قلبه بأيدينا بعد أن
تركناه خوفا عليه ، خوفا أن نشارك في كسره
أو أن تكون لنا يد فيه ، فالجميع يقول أنهم
يحبون ، ولكن القليل فقط من يضحون ،
والقليل فقط في نزاع المحبة من يترك يد
من يحب ، لكيلا يصيبه بالضرر .
أتعلمين
، تمنيت كثيرا أن أصبح حارسا لقلب من أُحب
، أقف على أبوابه ، أتحسس جدرانه الخارجية
وأحميه من كل سوء ، لا أعرف لماذا لا أثق
أنا بنفسي كثيرا ، لِم لم أتمني يوما أن
أحرس هذه الأبواب من الداخل ؟!
، لا
أعرف لماذا لا أراني أهلا لذلك ؟!
، فهو
الحبيب ، يحتاج أن يدخل قلبه من يستحق ،
ولعلني من يستحق ، لكنني أخشى عليه كثيرا
، كثيرا ، خشيةً باتت كمرضٍ استقر بداخلي
، فبت أخاف عليه من نفسي ، ولعلني بت أيضا
أخيفه ، لكنني في الحقيقة أحبه ، واحتاجه
ربما أكثر مما يحتاجني ، أحتاج أن أدخل
قلبه لا حارسا ، وإنما محتميا لاجئا !!.
وما
الوطن عندي سوى حبيب أحبه ، وما الحبيب
عندي سوي وطن أعيش فيه ، وما أملك من نفسي
سوي قلبٍ وعمرٍ أقدمه له ، أحبه بهما إن
أراد ، وأحرسه بهما إن أراد ، وأفنيهما
فيه إن أراد ، ومهما بلغت خطاياه في حقي
، فلست أملك سوى أن أسامحه ، فالحب أكبر
من الخطايا ، و الوطن أعز من أية جريرة.
عسى
الله أن يزرق الوطن أحبة فيمن يستوطنوه
، وأن يرزق الأحبة أوطانا فيمن يحبون.
أطلت
متعمدا ، فعيناي تستحضرك وأنا أكتب إليك
.. فاعذريني
..
أستودعك
ربي الذي لا تضيع ودائعه ..
ولعلها
قد تصلك رسالتي وقلبك مطمئن البال على
الوطن ..
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق