صباح
مشروع النصر !!
في
البداية أرجو ألا يفهم من مقالي هذا
التقليل من "مشروع"
نصر
أكتوبر ، ولكنه في الحقيقة توضيحُ لمفهوم النصر الذي خلطه لدينا زعماءٌ أرادوا نسب بعض النصر لأنفسهم ، و سحبه
من تحت أقدام شعبٍ استطاع وبقوةٍ المشاركة
في تخطيط هذا المشروع بل وتنفيذ مراحله
الأولى ، قبل أن يُستغل هذا النصر الأولي
لأغراض زعمائه السياسين ولتحقيق أحلامهم
بل و لإجهاض النصر الحقيقي نفسه !!
ببساطة
ما حدث في السادس من أكتوبر هو مجرد تنفيذٍ لمرحلة أولى لخطة مشروع نصر شامل وضعه
قادة الجيش المصري ، و تم إهدارها وإيقاف
تنفيذ مراحلها المتقدمة بإيعاز من قائدٍ أعلى تدخل في عمل رئيس أركانه وضرب بكلماته
عرض الحائط !!.
سأسهب في إيضاح الفكرة ،وبمثالٍ شخصي ، ففي عملي كمطور للبرمجيات يبدأ أي مشروع عادة بمتطلبات تصلنا من صاحب العمل (الزبون client) يرغب في تنفيذها ، فيبدأ مدير المشروع (project manger) بتحويل هذه المتطلبات للمتخصصين والتقنيين (الذين انتمي إليهم) للبدء بوضع الخطة وتحديد تصور عما يحتاجه هذا المشروع من زمن و موارد. حتي هذه اللحظة يسير كل شئ على ما يرام ، فكل شخص يؤدي دوره في اللعبة ، ولكن مايحدث بعد ذلك هو ما يحدد وبقوة المسار الذي نسير فيه !!
سأسهب في إيضاح الفكرة ،وبمثالٍ شخصي ، ففي عملي كمطور للبرمجيات يبدأ أي مشروع عادة بمتطلبات تصلنا من صاحب العمل (الزبون client) يرغب في تنفيذها ، فيبدأ مدير المشروع (project manger) بتحويل هذه المتطلبات للمتخصصين والتقنيين (الذين انتمي إليهم) للبدء بوضع الخطة وتحديد تصور عما يحتاجه هذا المشروع من زمن و موارد. حتي هذه اللحظة يسير كل شئ على ما يرام ، فكل شخص يؤدي دوره في اللعبة ، ولكن مايحدث بعد ذلك هو ما يحدد وبقوة المسار الذي نسير فيه !!
يسلم
هؤلاء التقنيون وكبيرهم الخطه لمدير
المشروع ، موضحين طلباتهم والموارد التي
يحتاجونها والزمن اللازم لتنفيذ المطلوب
، يوافق مدير المشروع فيعمل على توفير
هذه المستلزمات لفريقه أو يرفض ويوضح
عجزه عن توفير هذه المستلزمات ، فيعاد
الأمر إلى هؤلاء التقنيون مرة أخرى لتغيير
الخطة في ضوء ما هو متاح !!.
في
هذه الدائرة ينحصر دور مدير المشروع ،
ولكن هناك من يخرج عن هذا الإطار ، ويرى
من مهامه أن يفرض على فريقه خطته الخاصة
، إما عن طريق التدخل المباشر بالتعديل
فيها وفرض موارد أقل على فريقه ، أو عن
طريق خداعه والموافقة على تنفيذ خطته
بدون توافر مستلزماتها ، وهنا يسير فريقه
على الخطة المتفق عليها في خطواتها الأولى
ومن ثم يضطر مرغما للسير علي خطة مديره
المضغوطة والتي تضمن نجاحه الشخصي ، و
فشل فريقه في تسليم منتج ذو جودة تليق
بهم و تتناسب مع ما بذلوه من مجهود !!
ما
يحدث عادة هو هذا التدخل ، مدير يُرغم
فريقه وموظفيه علي السير في خطته بحجة
نقص الموارد في منتصف الطريق ، وإجبارهم
علي تسليم المنتج بأي شكل كان ، حتى وإن
كان منقوصا ، ليكون النصر هنا ليس هو تسليم
المنتج في هيئته السليمة ، وإنما هو تسليم
المنتج أيا كانت هيئته ، وعادة ، ما يكون
في ذلك نجاحه الشخصي و هو المسئول عن
التسليم ، وفشل فريقه التقني وهو المسئول
عن خروج المنتج بأحسن هيئة وصورة !!.
ويتناسى
الجميع للأسف في نهاية المشروع وغمرة
التسليم ، أن نقص الموارد في وسط مرحلة
التنفيذ هو مشكلة إدارية بحتة ، ولكن
الإداريون يستطيعون في النهاية أن يلقوا
التهمة في أعناق هؤلاء التقنيون ، والهروب
بالنجاح في إجبارهم على تنفيذ المشروع
وتسليمه في وسط هذه الأجواء !!!
أرجو
ألا تكون قد أتاهتكم كلماتي !!
، فلنعد
إذن لمشروع النصر ولنربط الأفعال ، الشعب
وهو الزبون هنا ، و هو من طلب استرداد الأرض
من مديره آنذاك ورئيسه :
السيد
(محمد
أنور السادات)
، والذي
بعث بهذه المتطلبات إلى فريقه وقادة جيشه للتخطيط
وتحديد المستلزمات ، وهو ما حدث ، وسُلّمت
خطة "المآذن
العالية"
للرئيس
، والذي وافق على تنفيذها ، والإعداد لها
، وتوفير متطلباتها ، وبالفعل تم تنفيذ
مرحلتها الأولى ، ولكن هنا قرر مدير
المشروع أن يغير المسار والمنتج النهائي
، فبدلا من نصر عسكري مخطط له ، وجد السادات
، إما بحسن نية وفشل في التقدير لتدخل
قوات أمريكية في المعركة ، وإما بسوء نية
ورغبة في تحقيق نصر ذاتي ، استغلال هذا
النجاح الأولي لتحويل النصر العسكري إلى
نصر سياسي خاص ، وأكرر ضاربا بعرض الحائط
آراء رئيس أركانه وقادة معركته التي خاضها
!! ..
لن أتحدث هنا عن دماء جنود قد سقطت ، وأثمان وأموال قد دفعت لتحقيق هذا النجاح الأولي ، والتي تم أهدارها نتيجة لهذا التراجع ، المهم هنا أن الزبون - وهو الشعب - قد انقسم في هذه اللحظة ، بين مؤيد لمدير مشروعه و مؤيد لخطته و للمنتج الذي يرغب في تسليمه إياه ، وبين معارض كان راغبا في النصر الحقيقي والمنتج المتفق عليه من البداية والذي صبر وجاهد من أجله سنوات من الذل والمهانة ، ولم يكن نتيجة هذه الإنقسام ، ولا نتيجة فشل الإدارة ، إلا ما نعيش توابعه إلى الآن !!
لن أتحدث هنا عن دماء جنود قد سقطت ، وأثمان وأموال قد دفعت لتحقيق هذا النجاح الأولي ، والتي تم أهدارها نتيجة لهذا التراجع ، المهم هنا أن الزبون - وهو الشعب - قد انقسم في هذه اللحظة ، بين مؤيد لمدير مشروعه و مؤيد لخطته و للمنتج الذي يرغب في تسليمه إياه ، وبين معارض كان راغبا في النصر الحقيقي والمنتج المتفق عليه من البداية والذي صبر وجاهد من أجله سنوات من الذل والمهانة ، ولم يكن نتيجة هذه الإنقسام ، ولا نتيجة فشل الإدارة ، إلا ما نعيش توابعه إلى الآن !!
هذا
ما حدث في الماضي و ما نعيشه من حاضر هو ما ترتب عليه ، وأعيد وأقول ، فلست هنا للتقليل
من نصر أكتوبر ، ولا للتقليل أو إهانة
مدير مشروع هذا النصر ، ولكنني هنا لتوضيح
ما هية هذا النصر ، وعلى أي أساس قد بني ،
ولتقييم نتائجه بعد مدة باتت كافية لتقيمه
، والسؤال هنا الآن ، هل تحققت أهداف مشروع
نصر أكتوبر ؟!
، هل تم
تنفيذ خطته ؟!
، هل
حقق هذا النصر السياسي للمعركة ذات أهداف النصر العسكري في ؟!
، هل
باتت سيناء حرة ؟!
، هل
باتت أهلها مصريون يتمتعون بكامل حقوقهم
؟! ،
أم أن ما حدث هو مجرد صفقة واتفاقية تم
بمقتضاها نسف أهداف الخطة الرئيسية ،
وتقوية العدو ، وتحقيق أهدافه لا بيديه
ولكن بأيدينا ؟!!
حاول
أن تجيب تلك الأسئلة وأنت تحتفل بالنصر
، وذكر نفسك دائما أن هناك مشروع نصر آخر
لم يتم تنفيذه ، وأجهضه ذاك النصر الذي
تحتفل به الآن !!
تحياتي
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق