على جدران قصور الأزمنة الخالية ، يمكنك أن
تستمع إلى الحقيقة التي غابت عنك كثيرا ...
فعمامة السلطان هي أهم من السلطان نفسه ، هي
رأس مسبحة نظام العالم ، النظام الذي لن يسمح المشتعلين يه أو المنتفعين بوجوده أن
يمس أحدهم هذه الرأس حتى وإن كان السلطان نفسه !!! ...
وما مهمة السلطان سوى أن يحمل العمامة !! ،
وأن يحفظ مسبحة النظام من الانفراط ، فليس العدل هو أساس ذاك الملك ، وإنما جيش بلا
إيمان ، و علماء بلا إخلاص ، وعامة لم يضعوا العمامة على رأس أحد ، فما ضرهم إن انتزعت
عن رأس أي أحد !!
المهم إذن هو حماية هذا النظام ، النظام الذي
يفرض قيودا على أركانه أكثر مما يفرضه على من هم خارج حدوده ، فالسلطان لا ينحكم حتى
فيمن يدخل عليه مخدعه ، والجيوش مهما تطاولت .. نعود لكنف النظام الذي يؤمن لها الضرع
الذي تشرب منه لبن الدولة و عرق عامتها ، والعلماء طمعا في الدنيا أقنعوا أنفسهم أن
الصمت عن المنكر ليس بأضعف الإيمان ، وإنما في المشاركة في الظلم و مصاحبة الظالمين
و القتوى لهم بعضا من الصبر على الأذى و صفات أولى العزم من الرسل!!
ودونهم الدراويش ، هؤلاء المجانين الذين قرروا
أن يسيروا بين الناس بالمخافة ، أن يرفضوا الخضوع لهذا النظام ، أن يحبسوا أنفسهم خارجه
بانتظار الموت ، أحرارا من قيوده ، سجناء في نفوسهم الأنقى و الأكثر اتساعا !!
سلطنة كانت أو ملك أو رئاسة ، كلها مفردات
لمعنى واحد ، حكم غير راشد لم يسقطه المتآمرون عليه من الخارج كما كانوا يوهموننا ،
وإنما أسقطه فساده وغياب العدل وانتشار الخبث ، ليست هذه هي دولة الخلافة ، التي يبكون
سقوطها ، و إنما هي ملك زال بفساد ملوكه ، الخلافة الحقيقة سقطت مع أول قطرة قد أهدرت
من دم الحسين ، وبعدها ملك عضوض لا زلنا نتنافس عليه إلى الأن ...
الرواية وببساطة قراءة لتاريخ لم يقرأ ، بلغة
حية ، بقدر ما تحدثت عن نطام حكم فسد وظهرت مساوؤه ، بقدر ما أمعنت في إظهار عورات
نفوس تخفيها القوة أحيانا ، والجاه أحيانا ، و الدين أحيانا أخرى ...
ورغم إعجابي بالفكرة ، واستقائها من التاريخ
، غير أني سأصب إعجابي الأكبر بلغة واسلوب الكتابة الذي يثري وبحق المكتبة العربية
بالجديد والجيد ...
تحياتي للكاتب والناشر وكل من عمل على إخراج
هذا الكتاب ...
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق