الأمر ليس ماديا كما يظنه البعض ، الأمر
ليس مجرد أمرأة حملتك في بطنها ، وأكلت من طعامها ، و استنفذت من قواها تسعة أشهر
، الأمر ليس مجرد حبل كان يربط بينكما ، قطعوه ليجعلوك مستقلا عنها ، الأمر ليس
مجرد ميلاد كانت سببا فيه ، و خاطرت فيه بحياتها لتطلقك إلى الحياة ، الأمر يتعدى
ذلك بكثير ، لكن القليل من يشعر بذلك !!
فقط عندما تنكسر روحك ستشعر بذلك ، عندما
تسير تائها في دروب الحياة تبحث عن بداية ، عن ميلاد جديد ، عن خفقة قلب أولى
خالية من الهموم ، عن خطوة تتعثر فيها فتجد اليد تمتد إليك ولا تلوم ، عن دفعة تخرجك
من رحم أحزانك التي أحاطت بك ، عن رحمة ترجوها ومنحها لها الله ، حينها فقط ، ستدرك أنه مع مرور الزمن ، وما
اكتسبنه من قوة ، وما أصابها من وهن ، فلن يملك القدرة على فعل ذلك سواها !!
ستعجب حين نراها ، تشعر خقفة الحب في
جنبيك ، ستعجب عندما تراها ، ترى بريق الدمع المكتوم في عينيك ، ستعجب عندما تراها
، تحتمل غضبك الذي تخفي وراءه مشاعر تفهمها ، ستعجب عندما تراها ، تداويك وفي
داوئك ما سوف يؤلمها ، ستعجب حين تبقى قوية حين ضعفك ، تمسك بأجزاء روحك المكسورة تلملمها
، تحاول أن تصلحها وإن عجزت ، تضرب الأرض بحثا عن ماء ليرويك ، تبحث عن حبل سري
بريطها بروحك لتطعمك من روحها ، لتمنحك ابتسامنها ، وفرحتها ، و ما تبقى وإن قل من
أنفاسها ، لتنجب روحك من جديد ، لتخرجها صاخبة قوية من جديد ، روحا تضرب الأرض لتخرج
مائها بنفسها ، وحينها تقطع ما وصل بينكما لتطلقك ، تظنها تمنحك إلى الحياة و هي تمنحك أياها ، أمك في المرة الأولى ، و أمك مرة أخرى !! ...
قد تكون سنة الحياة لديك أن ترحل عنها ،
ولكنها سنة الحياة لديها أن تعود إليك ...
أمي .. هو قلبك فلن أهدي إليك ما فيه ...
كل عام وأنت بخير ...
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق