"ولا يوجد إلا وسيلة واحدة ، حتى يولد المرء في حياة جديدة وهي أن يموت قبل الموت"
هكذا تقول احدى هذه القواعد ، و كمثيلاتها التسعة والثلاثون ، قد لا يمكنك أن تفهمها بمجرد أن تقرأ كلماتها ، ولا بمجرد أن تعرف المغزى الذي كُتبت من أجله ، فقد تحتاج إلى ما هو أعمق من ذلك ، قد تحتاج إلى مرور الوقت ، وقد تحتاج إلى التجربة .
استمعت يوما إلى كاتبة الرواية تقول أنه قد يكون من غير الإنصاف الحكم على قصة خيالية بالبحث في نوايا كاتبها وتوجهاته أيا كان نوعها ، بل إنه نوع من التقييد لمخيلة الكاتب أن نطالبه بالإلتزام بتفاصيل التاريخ أو حقيقة الأفكار والتجارب التي عايشها فقط دون أن نسمح له بالإبحار في تلك المخيلة و نسج ما قد لا يراه قراءه في ذلك الواقع إلا من خلال ما يكتب !! ..
هكذا عليك أن تقرأ تلك القواعد ، فهي ليست كتابا تاريخيا عن الرومي ، وليست شرحا لطريقة صوفية قديمة ، و إنما هي رواية عن العشق ، العشق الذي لا يمكن تفسيره ، ولا يمكن إلا معايشته واختباره ، وتقبل أشواكه ووروده معا ، كما نتقبل مساوئ الحياة ومحاسنها ، وكم كانت الرواية تجسيدا لما كُتبت عنه ومن أجله .
كان يمكنك مع الصفحات الأولى للرواية أن تتوقف منتقدا بعض شخوصها وأفعالهم و ما يخالف معتقداتك ويجري على ألسنتهم ، كان يمكنك أن تعتبرها درويشا ضالا يُخرج من الكلمات ما ليس يعقله ، و كان يمكنك على النقيض أن تنظر إلى قلبها كما نظر الرومي لقلب شمس ، أن لا تسأل الخضر عما يفعل حتى تضمن صحبته ، أن تنجح في الاختبار الذي مر به معظم شخوص الرواية ، أن تكسر جميع أصنامك ، وأن تفتح قلبك حتى لما تكره ، لتخرج منه ما تحب !!
الرواية وقراءتها هي اختبار حي لفهم مضمونها ، كان هم شمس الأول والأخير أن يكسر جميع الأسوار و الأصنام التي حالت بين قلب الرومي و حب الله ، حتى وإن كان الدين نفسه ، ذاك الذي أخطأ البعض في فهم شعائره ، فجعلوه حاجزا يغلف قلوبهم ، بل ويوهمهم بأنهم بآدائها فقط أقرب إلى الله أو أنهم دون غيرهم المستحقين لرضاءه !!، فباتت كالصنم يقربهم إلى الله زلفى ، ولعلهم إن فهموها صلة بمن يحبهم ويحبونه ، لما جعلوها كذلك.
ولأنه الإنسان ، ولأنه الضعيف الذي يحتاج إلى ربه وهداه ، فلم أتعجب أن أرى الرومي في النهاية يجعل من حب شمس - الذي ساعده في تكسير أصنامه - صنما جديدا يمنعه عن الكثير كما منحه الكثير ، وغالب الظن أنه عاش بقية حياته في صراع طويل لتحطيمه !!
الكتاب ممتع .. وتجربة تستحق (الموت) فيها ...
تحياني
ش.ز
هكذا تقول احدى هذه القواعد ، و كمثيلاتها التسعة والثلاثون ، قد لا يمكنك أن تفهمها بمجرد أن تقرأ كلماتها ، ولا بمجرد أن تعرف المغزى الذي كُتبت من أجله ، فقد تحتاج إلى ما هو أعمق من ذلك ، قد تحتاج إلى مرور الوقت ، وقد تحتاج إلى التجربة .
استمعت يوما إلى كاتبة الرواية تقول أنه قد يكون من غير الإنصاف الحكم على قصة خيالية بالبحث في نوايا كاتبها وتوجهاته أيا كان نوعها ، بل إنه نوع من التقييد لمخيلة الكاتب أن نطالبه بالإلتزام بتفاصيل التاريخ أو حقيقة الأفكار والتجارب التي عايشها فقط دون أن نسمح له بالإبحار في تلك المخيلة و نسج ما قد لا يراه قراءه في ذلك الواقع إلا من خلال ما يكتب !! ..
هكذا عليك أن تقرأ تلك القواعد ، فهي ليست كتابا تاريخيا عن الرومي ، وليست شرحا لطريقة صوفية قديمة ، و إنما هي رواية عن العشق ، العشق الذي لا يمكن تفسيره ، ولا يمكن إلا معايشته واختباره ، وتقبل أشواكه ووروده معا ، كما نتقبل مساوئ الحياة ومحاسنها ، وكم كانت الرواية تجسيدا لما كُتبت عنه ومن أجله .
كان يمكنك مع الصفحات الأولى للرواية أن تتوقف منتقدا بعض شخوصها وأفعالهم و ما يخالف معتقداتك ويجري على ألسنتهم ، كان يمكنك أن تعتبرها درويشا ضالا يُخرج من الكلمات ما ليس يعقله ، و كان يمكنك على النقيض أن تنظر إلى قلبها كما نظر الرومي لقلب شمس ، أن لا تسأل الخضر عما يفعل حتى تضمن صحبته ، أن تنجح في الاختبار الذي مر به معظم شخوص الرواية ، أن تكسر جميع أصنامك ، وأن تفتح قلبك حتى لما تكره ، لتخرج منه ما تحب !!
الرواية وقراءتها هي اختبار حي لفهم مضمونها ، كان هم شمس الأول والأخير أن يكسر جميع الأسوار و الأصنام التي حالت بين قلب الرومي و حب الله ، حتى وإن كان الدين نفسه ، ذاك الذي أخطأ البعض في فهم شعائره ، فجعلوه حاجزا يغلف قلوبهم ، بل ويوهمهم بأنهم بآدائها فقط أقرب إلى الله أو أنهم دون غيرهم المستحقين لرضاءه !!، فباتت كالصنم يقربهم إلى الله زلفى ، ولعلهم إن فهموها صلة بمن يحبهم ويحبونه ، لما جعلوها كذلك.
ولأنه الإنسان ، ولأنه الضعيف الذي يحتاج إلى ربه وهداه ، فلم أتعجب أن أرى الرومي في النهاية يجعل من حب شمس - الذي ساعده في تكسير أصنامه - صنما جديدا يمنعه عن الكثير كما منحه الكثير ، وغالب الظن أنه عاش بقية حياته في صراع طويل لتحطيمه !!
الكتاب ممتع .. وتجربة تستحق (الموت) فيها ...
تحياني
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق