الأربعاء، 9 مارس 2011

احساس "متقدرش" ...

بالتحديد ... عندما كنت في قمة سعادتي ... أتغزل في قواتنا المسلحة ... بعد أن أدوا تحيتهم لأرواح شهدائنا ... وأكدوا أنهم سيحمون ثورة الشعب (التي لا قائد لها) .. وسيسلمونها لهم ... فاجأني أحد الثوار ... بلهجة تحمل إحساسا غريبا ... وهو يقول لي

"مش بمزاجهم" ...

"ميقدروش يعملوا غير كده"

"الناس مش حتسكوت لهم"

كنت قد تبنيت فكرة أن لا أقاوم شلالا ... أن لا أقاوم عنفوان الثورة .. وإحساس قوتها ... فمن حقهم أن يفخروا بأنفسهم ... من حقهم أن يروا العزة التي افتقدوها ... من حقهم أن يعشقوا وطنهم .. الذين كانوا يصرخون علانية .. وربما من وراء قلوبهم من قبل ذلك أنهم قد كرهوه ...ولذلك آثرت الخروج من الجدال ... مرددا ..

"حقك"

في الحقيقة ... شعور الحرية ... شعور عجيب ... أن تفعل ما تريد ... دون أن تضر الآخرين ... شعور متضارب ... كيف يكون لي أن أفعل ما أريد ... وفي نفس الوقت أروضها لكي لا أضر الآخرين ... هذا الشعور ... لا يمكن أن يملكه الجاهل ... فالجاهل لا يستطيع يروض نفسه ...لا يستطيع أن يقدّر قوة من أمامه .. فيتمادى ... مقلدا ما يراه ... دون أن يعرف عواقب ما يفعل ... ويصرخ عاليا في وجه كل من يهدده بالزجر ... "متقدرش" ....

احساس "متقدرش" ... لم أخف قلقي حينها من انتشار هذا الأحساس في قلوب المصريين ... لم أخف قلقي أنه قد بدأ فعلا بالإنتشار ... ضابط الشرطة لا يستطيع أن يعاملني بقسوة ... وضابط الجيش لا يستطيع أن يرفع سلاحه في وجهي ... والحاكم لا يستطيع أن يحكمني إن لم أريد ... إحساس مثل هذا كفيل أن يجعل من الشعب ديكتاتورا جديدا ... يفعل ما يريد وهو يعلم أن لا أحد يستطيع أن يردعه ... ولا يستطيع أحدا أيا كان أن يفرض سطوته عليه ... وهنا تكمن بداية الفوضى ...

أغضبني ذات الثائر ... حين كرر ذات كلماته بعد أن بدأت أن تهدأ الأمور ... وصرخت فيه "لا يقدر" ... كنت أجيب عن احساسه الذي وصلني من كلماته .. لم يفهمني ... لكنني أكملت ... "لأ يقدر .. ولازم كل واحد يعرف حدوده ... ويلتزم بالقانون ... وأي حد يخالفه حيحاسبه ..." ...

لم يعترض على كلماتي ... لكنني شعرت بالحسرة تملأ عينيه .. إما من خيبة الأمل على أمثالي ممن لا يتبنون أفكاره الثورية ... وإما لأنه أحس أنها النهاية للحرية والقوة التي بدأ في امتلاكها ...

الحرية والديموقراطية مسئولية ... لا تعني أن الشعوب تفعل ما شاء ... وبأي طريقة ... وإنما تعني أن تعبر الشعوب عن آرائها وتفرض إرادتها من خلال آليات يفرضها الدكتاتور الأعظم الذي لابد أن يحكمها ... الدكتاتور الذي أن يبطش بالجميع ... ويخشاه الجميع ... ولا يستطيع أحدا أن يعلو بصوته أمامه بكلمة "متقدرش" ... الدكتاتور الأعظم الذي يجب أن نرضاه جمعا حكما بيننا .. ألا وهو القانون ...


ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق