الثلاثاء، 15 مارس 2011

إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ...

نعم ولا ...

ولأول مرة أصبح علينا الأختيار - وبأنفسنا - طريق نريد السير فيه ...

ليست النعم اليوم هي نعم الموالاة .. تلك التي كانت تطلق لإرضاء النظام والتمسح فيه ... وليست ال"لا" اليوم هي لا المعارضة ... معارضة النظام و إيذاقه كل أنواع النقد رغبة في إسقاطه وكشفه أمام الناس ...

اليوم الخياران متنافسان .. لا متقاتلان .. كلاهما يحمل خيرا ... وإن إختلافنا في مقدار الخير ... ورؤية كل واحد منا من أين يأتي ...

هي بالفعل إختبار للديمقراطية ... ولعل القائمين على الأمر قد أصروا على تنظيمه رغبة منهم في رفع درجة الوعى السياسي لدى الناس ... وتقبل الهزيمة ... والعمل مع المنتصر لإدراك الأهداف المشتركة من الطريق الذي إختاره الأغلبية ...

لن يستطيع أحد منا تجاهل مخاوف الجميع ... أو نجاهل مساؤي كل إختيار ... ولا يستطيع آخر إعطاء ضمانات كافية لعدم حدوث تلك المخاوف ... ولذا وللحظة واحدة ... قررت أن إجعل الفكرة أكثر بساطة في عقلي لكي أستطيع أن آخذ القرار ... أبسط من الحد الأدنى لثقافتي ... ومن الحد الأدنى لمعرفتي بكل العلوم السياسية والفكرية والأجتماعية ...

"إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " ... هكذا ذكرني أحد أصدقائي ... ليس رضى بالقليل كما يتصور البعض .. ولكنها قناعة تمثل كنزا مدفونا لحياة ستستمر .. لنا ولأبنائنا ... أعرف ما سيدور في رؤوس البعض .. الجيش ليس الله الذي يأمرنا ... وتعديل الدستور ليس ذبح البقرة ... ولست هنا لأشبه أحدهما بالآخر .. وإنما لأشبه الحوار المجتمعى لبني إسرائيل بما قد يصبح لدينا ... بنو إسرائيل لما جاءهم أمر الله .. وهو الحق والصواب كما يعرفون ... أبوا أن يفعلوا دون أن يأتي الله بمزيد من التوضيحات ... بمزيد من الدلالات ... أما نحن فمحاولة لتقليد هذا النهج .. نطالب بمزيد من الضمانات ... مزيد من التأكيدات ... وكأننا نريد أن نطالب بديمقراطية جاهزة .. نشتريها من السوبر ماركت المجاور .. بها كل الخصائص .. ولا ينقصها سوى الأكل ... وهنا عدت مرة أخرى لأتذكر البقرة ... تلك التي إستمر بنو إسرائيل في جدالهم حتى صعُب عليهم إيجادها ... وكأني أرى الناس أيضا يسيرون على ذات النهج .. نحو ديمقراطية بخصائص هلامية ... سيصعب عليهم أو على أبناء الشعب الغير مثقف فيهم تطبيقها ...

وأنا هنا لست لأذكر أننا قد وصلنا إلى هذه الحالة ... وإنما فضلت فقط أن أحذر منها ...

ثلاثون عاما من الجهل ... ثلاثون عاما من التغييب ... ثلاثون عاما من البعد عن الممارسة العامة ... لكفيلة أن تدمر دستورا جديدا لا تعتريه ثغرة ... وأكاد أزعم أن أكثر من خمسون بالمئة من الشعب المصري لا يعنيه الدستور الذي سيحكم به ... وأرى أن النخبة أبتعدت عن دورها الحقيقي .. حين إتجهت بكل ما تملك في معركة نحو إتقان صنع الدستور ... دون أن تضع جزء ولو صغيرا تجاه إفراغ نفوس الشعب من آثار ثلاثين عاما من القهر ... بل وحطوا بكل ثقلهم تجاه غلق ثغرات الدستور... ولم يعيروا إهتماما أن أكثر مشاكلنا لم تكن من الدستور أو من طريقة صنعه او ثغراته .. وإنما كانت من عدم تطبيقه ...

البقرة يجب أن تذبح .. إن آجلا أو عاجلا .... وعلينا ألا نطيل في أمد إختيارها ... حتى لا يأتي اليوم الذي لا نجدها ... ولا نستطيع حتى أن نشتم ريحها ...

ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق