الثلاثاء، 5 يوليو 2011

أما آن لثورتنا ان تنتهي ؟!


عندما تقرأ في التاريخ أن نهاية الثورة الفرنسية كانت على يد نابليون بونابرت ، قد لا يستوقفك الأمر ، ولكن بعد تصفح أكثر في ذات التاريخ سيوقفك وصف نابليون نفسه أنه قائد ذات الثورة الفرنسية التي كانت نهايتها على يديه !!!.

في محاولة لتفسير هذا التناقض قد لا تجد إلا حسن النية ، أعني أن كتاب التاريخ أخطأؤا الفهم ، (فهموه غلط يعني) ، وأن التاريخ حينها كان مبنيا على الآراء وليس على الحقائق المتفق عليها، ولكنني في تأمل فلسفي (ومرضي أيضا) لم أر تعارضا بين الجملتين ، فنهاية الثورة شيء حتمي ، ومنهي الثورة ليس بالفلول ولا من أتباع النظام القديم ، وإنما قد يكون قائدها كما كان نابليون !!!.

نهاية الثورة لا يعني قتل مبادئها ، وأهدافها ، و لا يعني بالضرورة تحقيقها ، وإنما نهاية الثورة في خلق نظام يثق فيه الجميع قادر على تحقيق هذه الأهداف ، وإرساء هذه المبادئ .


المتمعن في قراءة تاريخ الثورة الفرنسية لن يصيبه التشاؤم على الإطلاق ، فالثورة الفرنسية ظلت عشر سنين (1789-1799) تبحث عن نهايتها ، تبحث عن هذا النظام القادر على تحقيق أهدافها ، فمن جمعية وطنية إلى جمعية تشريعية !! ، ومن صراعات على السلطة إلى إلى إعدامات ومذابح جماعية !! ، ومن مؤتمر وطني إلى مؤتمر للأمن العام ، ومن ديكتاتورية السلطة إلى ديكتاتورية النخبة ، ومن مجلس تشريعي إلى إثنين  ، ومن ملكية ديمقراطية إلى جمهورية ، ومن دستور واحد إلى دستورين ، ومن وإلى ومن وإلى ، عشر سنين ، كان مخاض الفرنسيين لولادة دولتهم الحرة ، عشر سنين تكلموا فيها في كل شيء ، وأخرجوا كل ما لديهم من آراء وأفكار ، ولكنهم لم يستطيعوا أن يكونوا نظاما يثق فيه الجميع ليحقق ما يريدون !!.

وهنا وبالتآمر مع بعض القادة السياسين ، تدخل الجيش ، واستولى نابليون على الحكم ، ليفرض نظاما جديدا ، و انضباطا عسكريا كان مطلوبا لحماية هذا الثورة من الخلاف والانشقاق ، نابليون جاء محملا بذات أفكار الثورة الفرنسية ولكنه كان محملا أيضا بالقوة القادرة على قمع هذه الفوضى السياسية والأخلاقية التي ضربت بلاده ، وقد فعل وأنهى الثورة الفرنسية ووضعها في النهاية على الطريق الصحيح.

وفي الحقيقة ، لم تكن العشر سنين التي ضاعت من عمر الدولة الفرنسية كلها هباء ، فقد وضعت الثورة بالفعل خلالها الأسس الراسخة لدولة متحدة، ومجتمعا حرا لا يقبل الإهانة ولا الذل ، وأظن ذلك هو ما حاولت ولا زالت تحاول الثورة المصرية وثوارها تحقيقه ، فيوما وراء يوم ، تزرع في نفوسنا القيم التي سنعيشها لسنين قادمة ، يوما وراء يوم ، تحاول إقامة مجتمع حر لا تشوبه الحواجز ولا المعوقات ، قد يتخلل كل هذا الكثير من العنف ، والكثير من الأخطاء ، و الكثير من التجاوزات ، والكثير من الخصومات ، ومن كل الأطراف ، من الحكومات ومن الشعب ومن الثوار ، حتى نصل إلى النهاية ، نهاية الثورة .

و السؤال الآن "أما آن لثورتنا ان تنتهي؟!" ، قد نختلف عن الثورة الفرنسية ان الجيش يشاركنا اللعبة منذ البداية ، وهو ما يقلل من حدة الفوضى المجتمعية التي قد تراها في غيرنا من الثورات ، ولا يزيلها بالطبع ، ما أراه ، أنه لم يوجد بعد ذلك الشخص أو الهيئة التي وضعت الثورة على الطريق الصحيح ، و لذا على الثورة أن تستمر ، ولكن أكثر نظاما ، أكثر ذكاء ، ودون الدخول إلى الفوضى التي قد توقعنا في الوحل وتطيل أمد الثورة.

أعول كثيرا على الجيش أن يقلل هذه الفوضى ، وأعول على المصريين والثواروالقوى السياسية أن يتقدموا بخطى ثابتة تجاه البحث عن هذا النظام ، وتجاه تكوينه والثقة فيه ورسم معالمه التوافقية ، وليست أخشى سوى التوقف ، والتركيز في نقط الخلاف و التفنن والتهديد الدائم بإشعال نار الثورة من جديد .

ابحثوا عن نهاية ثورتكم ، قبل أن تبحث هي عن نهايتكم.

تحياتي

ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق