مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴿۲۹﴾الفتح
رسول الله ، وليس أعز ولا أشرف من حمل رسالة الله ، هكذا وصفه رب العزة في كتابه ، مختصرا كل ما تحمله الكلمة من صفات التي يجب أن يحملها من أخذ على عاتقه حمل هذه الرسالة ، يقول العقاد في كتابه عبقرية محمد :
" نبيل عريق النسب ، وليس بالوضيع الخامل فيصغر قدره في امة الاحساب والانساب ، فقير وليس بالغني المترف فيطغيه بأس النبلاء والأغنياء , ويغلق قلبه ما يغلق القلوب من جشع القوة واليسار ، يتيم بين رحماء ، فليس هو بالمدلل الذي يقتل فيه التدليل ملكة الجد والادارة والاستقلال ، وليس هو بالمهجور المنبوذ الذي تقتل فيه القسوة روح الامل وعزة النفس وسليقة الطموح وفضيلة العطف على الاخرين ، خبير بكل ما يختبره العرب من ضروب العيش في البادية والحاضره ، تربى في الصحراء وألف المدينه ، ورعى القطعان واشتغل بالتجاره وشهد الحروب والأحلاف ، واقترب من السراة ولم يبتعد من الفقراء .
فهو خلاصة الكفاية العربية في خير ما تكون عليه الكفاية العربية.
أصلح رجل … من أصلح بيت … في أصلح زمان …. لرسالة النجاة المرقوبة ، على غير علم من الدنيا التي ترقبها ..
ذلك محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام"
ذلك محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام"
أما عن أصحابه فهم خير الناس ، من أنصتوا إلى رسالة الله وصدقوها ، بل ونشروها ، وما أصعبها من رسالة تحمل ، وما أصعبها من رسالة تنشر ، يقول الغزالي في تفسيره الموضوعي للقرآن الكريم :
"ما أشد هذا الإبتلاء ، رجل فذ يكلف بإصلاح العالم ، وتغيير مساره ودفع البشرية جمعاء في طريق التوحيد والبر !! .
ولكنه نهض به ، وكون حوله صحابة أشداء على الكفار رحماء بينهم ، وتعرض معهم للغربة والشدة والمعارك المتصلة ، وقاوم تقاليد راسية ، ودولا عظمى ،ولم يتقهقر أو تلن قناته حتى دخل الناس في دين الله أفواجا."
يقول تعالى :
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴿۲﴾محمد
رجل أتى للعالم ليقر فيه السلام و صلاح البال وراحته ، ليس بوجوده ، فما هو إلا رسول ، وإنما بزرع دين الحق في نفوس الناس ، فهو خير قائد ، بخير منهج ، يقول الكاتب المسرحي البريطاني برنارد شو :
"إني أعتقد أن رجلاً كمحمد لو تسلم زمام الحكم المطلق في العالم بأجمعه اليوم، لتم النجاح له في حكمه، ولقاد العالم إلى الخير، وحل مشاكله على وجه يحقق للعالم كله السلام، والسعادة المنشودة .”
يقول توماس كارليل الكاتب البريطاني والذي أفرد فصلا كاملا في كتابه الأبطال للحديث عن الرسول الكريم :
"قوم يضربون في الصحراء عدة قرون لا يأبه بهم ولهم فلما جاءهم النبي العربي، أصبحوا قبلة الأنظار في العلوم والمعارف وكثروا بعد قلة، وعزوا بعد ذلة، ولم يمض قرن حتى استضاءت أطراف الأرض بعقولهم وعلومهم".
"لم يكن رسول الإسلام من محبي الشهرة كما يدعي البعض لم يكن في فؤاد ذلك النبي العظيم أي طمع دنيوي، لأن الذي يتمسك بحبل الله لا تهمه الظواهر ولا السطحيات، فقد تمسك بحبل الله ضارباً حسابا الربح والخسارة عرض الحائط غير مهتم بجاه أو شهرة أو سلطان، ولو كان يريد ذلك لركن إلى أقوال الذين ساوموه على ذلك، لكنه أقسم أنهم لو وضعوا في يديه القمر والشمس على أن يترك هذا الدين ما تركه".
يقول تعالى:
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴿٤۰﴾الأحزاب
نعم ، ويؤكدها الله تعالى ، أن محمدا ليس إلا رسول الله وخاتم النبيين ، وهي صفات تكفيه ، وهو لم يكن بحاجة إلا غيرها لينشر دعوته ، ما دامت تراعاه يد الله وتعينه ، رجل أوقع منكري دعوته في مأزق كبير ، فهم إما أن يؤمنوا بنبوته وتأييد الله له ، وإما أن يقروا له حكمته و قوة إقناعه التي غيرت من تاريخ العرب ، وجعلته أهلا لأن يكون أفضل من حكم على هذه الأرض ، فهم إما ان يقبلوه نبيا ، وغما أن يقبلوه رئيسا ، يقول الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو :
"لم يرى العالم حتى اليوم رجلا استطاع أن يحول العقول ، والقلوب من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد إلا محمدا "
وكتبت دائرة المعارف البريطانية، الطبعة الحادية عشرة:
"كان محمد أظهر الشخصيات الدينية العظيمة، وأكثرها نجاحاً وتوفيقاً، ظهر النبي محمد في وقت كان العرب فيه قد هووا إلى الحضيضِ، فما كان لهم تعاليم دينية محترمة، ولا مبادئ مدنية أو سياسية أو إجتماعية، ولم يكن لهم ما يفاخرون به من الفن أو العلوم، وما كانوا على اتصال بالعالم الخارجي، وكانوا مفككين لا رابط بينهم، كل قبيلة وحدة مستقلة، وكل منها في قتال مع الأخرى.
وقد حاولت اليهودية أن تهديهم فما استطاعت، وباءت محاولات المسيحية بالخيبة، كما خابت جميع المحاولات السابقة للإصلاح، ولكن ظهر النبي (محمد) الذي أرسل هدى العالمين، فاستطاع في سنوات معدودات أن يقتلع جميع العادات الفاسدة من جزيرة العرب، وأن يرفعها من الوثنية المنحطة إلى التوحيد.
وحول أبناء العرب الذين كانوا أنصاف برابرة، إلى طريق الهدى والفرقان، فأصبحوا دعاة هدى ورشاد، بعد أن كانوا دعاة وثنية وفساد، وانتشروا في الارض يعملون على رفع كلمة الله."
قال تعالى:
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ﴿۱٤٤﴾آل عمران
وهي من عظمة النبي ، أن رسالته لم تكن في حياته فقط ، وإنما كان أثر ما فعل مستمرا إلى أن يقيم الله الأرض ومن عليها ، فمحمد كانت طبيعته البشرية من عظمته صلى الله عليه وسلم ، فالله أراد أن يبعث لنا بشرا كي نقتدي به ، يقول الباحث الفرنسي- كيمان هوارت :
"لو ان المسلمين اتخذوا رسولهم قدة في نشر الدعوة لاصبح العالم مسلما"
ولم يكن محمدا قدوة للمسلمين فقط ، وإنما كان بسيرته الشريفة قدوة للبشرية جميعها يقول (شيرل) عميد كلية الحقوق بجامعة (فيينا)، فيقول في مؤتمر الحقوق سنة 1927:
"إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد -صلى الله عليه وسلم- إليها، إذ رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرناً؛ أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيين أسعد ما نكون؛ لو وصلنا إلى قمته بعد ألفي سنة"
ومهما كتب عن رسول الله لن يكفيه ، وربما كانت البلاغة التي عبر عنها البوصيري هي أصدق تعبير عنه حين قال :
وأصدق القول فيه بأنه بشرٌ
وأنه خير خلق الله كلهم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد في الآولين وفي الآخرين.
ملحوظة :
الآيات الأربع في المقالة هم الآيات التي ذكر فيهم اسم رسول الله "محمد" في القرآن.
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق