السبت، 27 أغسطس 2011

رمضات 26 : وما أدرانا ما ليلة القدر ؟!


إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿۱ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴿۲ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴿۳ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴿۴ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴿۵﴾القدر

وما أدرانا ما ليلة القدر ، ليلة مباركة ، ونزول القرآن العظيم فيها كان من اكتمال بركتها وفضلها ، يقول د.أحمد عمر هاشم :

"يرى بعض العلماء أن القدر الذي إضيفت إليه الآية هو التعظيم ، كقول الله سبحانه وتعالى (وما قدروا الله حق قدره) فهي ذات قدر و تعظيم لما نزل فيها من القرآن العظيم ، أو أن العظمة والقدر لما يحدث فيها من نزول الملائكة ، وأيضا لما ينزل في هذه الليلة من رحمات الله تعالى وبركاته وغفرانه وفيوضاته ، أو أن الذي يحييها ، يصبح ذو قدر وشرف ومنزلة كريمة.
وقال البعض ، القدر هنا للتضييق ، كقول الله تعالى (ومن قدر عليه رزقه) والمراد بالتضييق اخفاء الليلة وعدم تعيينها ، أو أن الأرض تضييق فيها عن الملائكة ، أو أن القدر فيها بمعنى القدر ، أي أنه يقدر فيها أحكام تلك السنة وما يقضي الله به على عباده ، ، وذلك لقول الله تعالى (فيها يفرق كل أمر حكيم )"

وما أدرانا ما ليلة القدر ، ففي إخفاء وقتها حكمة ، كما في حعلها ليلة وليست يوما حكمة ، يقول الشعراوي في كتابه معجزة القرآن :

" اختيار الليل هنا لأنه الوقت الذي تكون فيه العبادة لله وحده.. فيه صفاء وهدوء .. وفيه صدق التعبير .. فالذي يرائي بعبادة الله لا يمكن أن يقوم الليل .. والذي يريد أن يقال عليه إنه رجل صالح رياءً ونفاقاً لا يمكن أن يقوم الليل ... ولكن الذي يقوم الليل هو الخاشع لله سبحانه وتعالى المؤمن به ...
قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (التمسوها في العشر الأواخر) أو (في وتر العشر الأواخر) .. قد يكون رمضان 29 ليلة فقط .. فنلتمسها في ليالي أيام 20 و 21 و 22 و 23 ... 29 .
وقد يكون رمضان 30 يوماً .. فنلتمسها في ليالي أيام 21 و 22 و 23 وهكذا.
وبذلك قد جاوبت على من يسألون .. نحن نريد أن نقيم ليلة القدر ولكن لا ندري إن كان رمضان 30 أو 29 يوماً .. فيجب علينا أن نقوم في كل ليلة من العشر الأواخر.
والرسول خرج يوماً على أصحابه وقال : (كنت قد خرجت لأخبركم بليلة القدر.. إلا أنه تلاحى – بمعنى تشاجر – فلان وفلان.. فرفعت عني .. فالتمسوها في العشر الأواخر)"

فلم ترفع ليلة القدر ، وقد أخفى الله - سبحانه - علمها على العباد رحمة بهم، ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي بالصلاة والذكر والدعاء.
وما أدرانا بليلة القدر ، وكم أجتهد أصحاب رسول الله في التماسها ، والتفكر في معرفة وقتها .

"ورد أن عمر -رضي الله عنه- لما جمع الصحابة، وجمع ابن عباس معه، فقالوا لابن عباس: هذا كأحد أبنائنا، فلماذا تجعله معنا؟ فقال: إنه فتى له قلب عقول ، ولسان سئول، وأثنى عليه، ثم سأل الصحابة عن ليلة القدر, فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر. فقال لابن عباس، فقال: إني لأعلم أو أظن أين هي، إنها ليلة سبع وعشرين. فقال: وما أدراك؟ قال: إن الله تعالى خلق السموات سبعًا، وخلق الأرضين سبعًا، وجعل الأيام سبعًا، وخلق الإنسان من سبع، وجعل الطواف سبعًا، والسعي سبعًا، ورمي الجمار سبعًا. ولذلك رأى ابن عباس أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين, وكأن هذا ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما."

وما أدرانا ما ليلة القدر ، وهي خير من ألف شهر ، أي ثلاث وثمانون عاما ، وذاك لا يعني أن مائة عام هي أفضل منها ، وإنما ليلة القدر هي خير من الزمن كله ، يقول الشعراوي :

" أحياناً يقول البعض لماذا اختيرت الألف بالذات .. سأرد .. لأن الله سبحانه وتعالى كان يخاطب العرب بعقولهم .. وقد كان العرب يعتقدون أن الألف هي نهاية الأرقام .. ولذلك إذا زادوا عليها كان يكررونها مثل ألف ألف .. فلم يكونوا يعرفون المليون أو البليون أو المليار.. لأنها أرقام مستحدثة.. وإذن معناها أن ليلة القدر خير من الزمن كله مهما طال. "

وقال بن كثير في تفسيره :

"وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، حدثني مسلمة بن علي‌ ، عن علي بن عروة قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أربعة من بني إسرائيل ، عبدوا الله ثمانين عاما ، لم يعصوه طرفة عين : فذكر أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون - قال : فعجب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، فأتاه جبريل فقال : يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة ، لم يعصوه طرفة عين ; فقد أنزل الله خيرا من ذلك . فقرأ عليه : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ) هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك . قال : فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه ."

وما أدرانا ما ليلة القدر ، فسلام هي حتى مطلع الفجر ، فليس فيها إلا الخير إلى مطلع الفجر ، وما أخير من ليلة تكون الملائكة فيها بيننا نعبد نحن وإياها الله على ذات الأرض ، يقول ابن كثير :

"وقال سعيد بن منصور : حدثنا عيسى بن يونس ، حدثنا الأعمش عن مجاهد في قوله: (سلام هي) قال : هي سالمة ، لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى .
وقوله( سلام هي حتى مطلع الفجر ) قال سعيد بن منصور : حدثنا هشيم ، عن أبي إسحاق عن الشعبي في قوله تعالى  (من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ) قال : تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد ، حتى يطلع الفجر ."

أما أفضل الدعاء في ليلتها ، فما خير لنا من طلب العفو ، فعلنا نفوز بع في هذه الليلة .

"عن عبد الله بن بريدة ، أن عائشة قالت : يا رسول الله ، إن وافقت ليلة القدر فما أدعو ؟ قال : " قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني " .

اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا .


ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق