"وكما اعترفنا بأخطائنا ، عليكم أنتم أيضا الاعتراف بأخطائكم"
قلتها موجها كلامي إلى حكومتنا الموقرة ، لست من دعاة الإحباط أو اليأس ، ولكنني من دعاة المصارحة، فكما جلست طوال أكثر من ستة شهور ألوم تفتت النخبة الوطنية ، وأنانية بعض فئات الشعب ، وتطرف البعض الآخر ، و ديكتاتورية البعض الثالث ، وضعف البعض الرابع ، و غيرها من الأخطاء التي ارتكبت من قبل الشعب ، علي أيضا الآن أن ألوم حكومة هي أيضا من الشعب ، أصابها ما أصابه من تفتت وأنانية وتطرف وديكتاتورية بالإضافة إلى الضعف أيضا، فهم ليسوا ملائكة مثلنا ، بل وللأسف ارتكبوا ذات أخطائنا ، ولأننا في موقع المواجهة ، ولأننا في وقت المحن ، ومحاولة درء الفتن ، فعلينا المصارحة ، والآن !!.
" لستم حكومة ثورة .. كما لم نكن شعب الثورة "
لن أكذب وأقول أنني توقعت منكم تغيرات ثورية ، بل لقد حاربت لإفهام الجميع أن هذه الحكومة هدفها تسيير الأعمال ولن تستطيع فعل الكثير في هذه الظروف ، ولكن رئيس هذه الحكومة والذي حمّل عليه الثوار الكثير والكثير من الآمال هو الذي ظل يردد أنه رئيس حكومة الثورة ، وأنه إن لم ينفذ أهدافها سيستقيل ليطالب بأهدافها مع الثوار مرة أخرى ، ومرت الأيام ، حقق فيها رئيس الوزراء بعض أهداف الثورة ، ولم ينفذ البعض الآخر ، وانتظر الكثير استقالة الرجل أو على الأقل بعض كلمات عن أسباب عدم تنفيذ بقية الأهداف ، ولكن أيهما لم يحدث !!!
"ربما كنتم واقيا ضد صدامنا مع الجيش ، نشكركم ، ولكن ألا تظنون أن الواقي قد تم أختراقه ؟! "
وعندها فسرت أنا عدم الإستقالة أو عدم التفسير المطلوب بالوطنية ، ولا زلت أظن ذلك ، وكنت أقول أن الرجل وحكومته في وضع يحسدون عليه ، فالجيش فعلا يمارس ضغوطا عليهم ، و القوى السياسية أيضا ، بالإضافة إلى المطالب الفئوية الأخرى ، وإرضاء جميع هؤلاء أشبه بالمهمة المستحيلة ، وفي نفس الوقت فاستقالة في هذه الوقت قد ينذر بصدام شعبي متوقع مع الجيش ، وبقاء الحكومة و تحملها الأخطاء والهجوم عن الجيش كان من وجهة نظر البعض موقفا محترما تحملته الحكومة ، ولكن يوما وراء يوم ، بدأ هذا الموقف غير مبررا ، فالأخطاء كثرت ، والهجوم على الجيش وأفعاله صار أقوى من تحملهم ، بل وحدث بالفعل الصدام يوم الأحد السابق ، وهنا صار على الحكومة أن تظهر على وجهها الحقيقي، و أن تعترف بأخطائها أو تستقيل ، ولكن أيهما أيضا لم يحدث !!
"أنت حكومة ضعيفة ، تناسب ضعفنا "
ولأول مرة لا أطيق تصريحاته ، ولا طلته على التلفاز ، صعد رئيس وزرائنا ليقول ذات تبريراته السابقة ، وكأنه لم يكتشف أن قناع الجيش الواقي قد تم اختراقه ، ولم يعد الآن وقت التضحيات ، الآن وقت إنقاذ الوطن ، الوطن الذي مات بعض أبنائه بلا سبب ، وهم يطالبون ببعض حقوقهم ، و بعد ثورة ظننها آخر عهدنا بالدماء ، الوطن الذي صار هو رئيس لحكومته فلم يستطع حتى الآن أن يقلل من اعتماده على الجيش في أي نشاط من أنشطة حكومته ، ولم يستطع أن يبتكر طرقا جديدة لمواجهة الإضرابات التي ضربت كل قطاعتها ، ولم يستطع أن يعيد الأمن بالشكل الكافي لإقامة الإنتخابات دون قلق ، ولم يستطع ان يواكب سرعة ما يطالب به الشعب ، فصارت قرارته أبطأ من حدوث المصائب. أعلم أننا لم نساعدهم كشعب في حل أي من هذه المشاكل ، فأجبرناهم أحيانا على هذه الأخطاء وهذا البطأ الشديد ، ولكن بماذا يُفسر عدم تنفيذ حلول طلبوها هم بأنفسهم من خبراء فقدموها إليهم فإذ بهم يهدرون جهدهم بعدم تنفيذ توصياتهم أو البدء في تنفيذها حتى أصبحت بلا فائدة.
"المطلوب ، استقالتكم أنتم و استقالتنا نحن أيضا. "
لن أطالب بإقالتكم ، بقدر ما سأطالب باستقالتكم ، فالاستقالة تعني لدي إعترافكم بأخطائكم ، تعني لدي إثبات حسن نواياكم ، أنكم لم تتعمدوا الفشل ، أنكم تريدون المضي قدما لتغيير هذا الوطن ، كمواطنين بعد أن فشلتم كمسئولين ، وحينها سأرفضها (إن كنت في موضع المسئولية) ، لأن بلادنا بالفعل لا تحتمل بالفعل تغييركم في ذلك الوقت ، فارتباككم مع حسن نواياكم يشبه كثيرا ارتباكنا مع حسن نوايانا ، ولست أرى في إقالتكم نفعا دون إقالتنا كشعب معكم ، ولكنني أرى في اعترافكم بأخطائكم واعترافنا بأخطائنا التغيير الحقيقي الذي نريد ، تغيير النفوس وليس تغيير الوزراء والحكومات...
ملحوظة:
شكرا لدكتور حازم الببلاوي الذي أشعرني أن هذه الحكومة تحمل في طياتها بذرة للتغيير .
تحياتي
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق