الاثنين، 31 أكتوبر 2011

في أخطاء البداية وتغيير النهاية





يمكنك بسهولة اشتمام تلك الرائحة ، رائحة ندم البعض على ما فات ، هذا الندم الذي ما يكاد يتحول إلى شعور بالإحباط والكآبة الناتجة من استحالة تغيير تلك البداية ، فكما يقولون ، ليس هناك طريقة لتصحيح البداية ، ولكن ما أعجب له هو إغفال هؤلاء النادمين عن قدرتهم في تغيير النهاية ، ووقوعهم أسرى لهذا الشعور ، وإصرارهم أنه لا نجاح لهم ما داموا قد أخطئت أقدامهم البداية الصحيحة ، وهي حقيقة بالقطع لا تمت للصحة بأي صلة ! .

ربما يفهم البعض ما أردت الإلماح إليه ، فأنا أعلم كثيرا ممن يظن أننا قد أخطأنا الخطى في بداية مرحلتنا الإنتقالية ،  أعلم كثيرا ممن يؤكدون أن رحيلنا عن الميدان وإيداع الأمر في يد المجلس العسكري هو خطأ فادح أصاب ثورتنا في مقتل ، وآخرون يرون أن قبولنا بالاستفتاء أو تصوتنا فيه بنعم هو خطأ أضاع كثيرا من أهداف ثورتنا ، ورغم ما يبدو عليه حسن نية هؤلاء من رغبتهم في إيضاح الأخطاء لتصحيح المسار و ضمان عدم تكرار مثل هذه الأخطاء، لكنني أرى فيمن يتلقى كلماتهم عدم إدراك لهذه الأهداف ، فمعظم من يرددون كلماتهم يظنون أن هذه الأخطاء لا سبيل لإصلاحها إلا بإزاحتها من الأحداث ، وربما بإعادة الثورة نفسها لتجنب الوقوع في هذه الأخطاء مرة أخرى !!! ، لم يدرك هؤلاء معنى إصلاح الخطأ بقدر إدراكهم لمعنى عدم الوقوع فيه ، بالطبع أتفهم رغباتهم الثورية والتي ترى أننا في بداية بناء دولة ، وعلينا أن لا نبنيها على الأخطاء ، ولكنهم تجاهلوا إن عدم قبول فكرة الخطأ في بداية مرحلة كتلك قد توقعنا جميعا في دوامة لا خروج منها ، خاصة و نحن ندرك جميعا أننا ضحايا نظام لم يجعل منا كوادر قادرة على التعامل مع فترة استثنائية كتلك التي نعيشها بشيء من الوعي المطلوب ، فالخطأ متوقع من الجميع ، من جاهلنا حتى العالم فينا ، وقبول هذا الخطأ والتعلم منه والتعامل مع مخرجاته هو حجر الزواية في هذه الثورة ، كما أن المرونة الكافية لاستغلال هذه الأخطاء والقدرة على عكس تأثيرها هو ما يؤهلنا لادراك النهاية التي نريد ، وليس الجمود أمامها لمحاولة إزالتها والتخلص منها .

وهنا فعلى الجميع ادراك هذه الحقيقة ، فالثورة كفعل لا يمكن تكراره الآن ، فالثورة التي قامت في ثمانية عشر يوما لم تكن نتاج يوم أو يومين ، إنما كانت نتاج تراكمات لأخطاء وأفعال للنظام القديم حفزت الجميع لمساندتها والمشاركة فيها ، ولا يمكن بسهولة تكرارها لمجرد محاولة تجنب خطأ وقع في ما تبعها من أحداث ، وإنما الأوقع هو التعامل مع هذه الأخطاء ، ومحاولة اكتشاف الحلول التي تساعدنا من استكمال طريق هذه الثورة في وجود تلك الأخطاء.

إذن ما علينا الآن هو النظر للمستقبل ، وليس الوقوع أسرى لأخطاء الماضي ، أتحدث ولست أؤكد أو آنفي صفة الخطأ على أي حدث كان ، ولكنني أتحدث إلى كل من يرى أننا قد ارتكبنا أخطاء في بداية خطوات تحولنا الديمقراطي ، وأطالبه أن يكف عن منازلة الجميع وتذكير الجميع بأخطائهم ، فهذا الفعل ربما يكون كفيلا لارتكاب مزيد من الأخطاء ،  ما أراه هو محاولة بذل هذا الجهد في دراسة أسباب الوقوع في الخطأ و تهيئة المناخ لعدم حدوثها مرة أخرى ، وهذا لن يحدث بالتقربع والتذكير دائما بأننا المخطئون الضعفاء الجبناء الذين لا يفهمون مصلحتهم أو مصلحة بلادهم ، وإنما بالبناء على آثار هذه الأخطاء مهما بلغت درجة سوءها ، لإحالة ما يفسد إلي ما يصلح ، وما يضعف إلى ما يقوي ، وما يحزن إلى ما يسعد.

لا يملك أحدنا الحقيقة المطلقة ، ولن يستطع أي منا أن يجزم أنه من يسير على الصواب الكامل ، فكلنا نتنافس في الوصول إلى ما ينفع بلادنا ، وإن إختلفت الطرق ، فلتكن إنتقاداتنا لبعضنا هي مجرد تحذيرات قادمة ممن هو خارج المضمار ، ويرانا في الطريق الآخر ، ولا تكن أحجار عاثرة نضعها في طرق بعضنا البعض ليوقف كل منا الآخر ، فهذا ليس في مصلحتنا ، فإذا ما اكتشف أحدنا خطأ طريقه ، فلن يجد له ملاذا سوى الطريق الآخر ليسير فيه ، خاصة إن كانت النهاية موحدة فيما بيننا.

تذكروا تلك الكلمة الأخيرة ، خاصة إن كانت النهاية موحدة فيما بيننا

تحياتي
ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق