الجمعة، 6 أبريل 2012

قراءة الستين ثانية : كهاتين في الجنة !!


وقفت السيدة تتأمل المشهد ، كما وقف الأطفال يتأملونها ، كانت تحمل في يديها كيسا من البسكويت ، تتحدث مع المشرفة برغبتها في الجلوس مع الأطفال ، ترحب المشرفة ، وتدخلها الغرفة ، ظل التأمل الحذر قائما، حتى تجرأ أحد الأطفال وتقدم نحوها بجسمه الصغير ، أمسك بجلبابها وأشار إلى كيس البسكويت ! ، حملته السيدة وسط الأطفال المشاهدين وأخرجت له قطعة من الكيس ليأكلها ، أمسك الطفل بالقطعة فرحا ، لكنه نظر نظرة للمشرفة من بعيد ،والتي هرولت نحو السيدة لتمنعها من تقديم القطعة إلى الطفل بحجة خروج هذا الفعل عن نظامهم الغذائي الذي اعتادوه ! ، وقف الطفل وهو ممسك بالقطعة ينتظر انتهاء النقاش بين السيدة والمشرفة ، كانت السيدة تستأذنها في استثناء يخرج أطفال مثلهم عن نظام يطعم أبدانهم ولكنه لا يطعم أرواحهم !! ، اجتمع الأطفال بجوار صديقهم الجرئ ينتظرون ما ستؤول إليه الأمور ، لم يحاولوا أن يختطفوا قطعة البسكويت من صديقهم ، ولكنهم كانوا يريدون قرارا يسمح له بامتلاكها ومن ثم يسمح لهم بالعراك حولها !! ، وافقت المشرفة على تقديم القطعة للطفل اليتيم ، مسحت على رأسه فجعلته يقفز فرحا بأمتلاكها ، نظر إلى السيدة التي سمحت له بذلك الإستثناء ، ترك القطعة لأصدقائه الذين تكالبوا عليها ، وتقدم مرة نحو السيدة الجالسة فصعد على ساقيها ونظر إليها نظرة حب صادقة متأملا وجهها ، ضمها في جنون ، أسند رأسه على كتفها ، وكأن لسان حاله يقول "افتقدتك كثيرا يا أمي "

اليتم هو افتقاد لمشاعر لم نشعر يوما بفقدها فلم ندركها ، هو افتقاد لمن يدافع عنك فقط ، لمن يعمل من أجلك أنت فقط ، لم يجيز الإستثناءات لك أنت فقط ، لمن يعيش ويموت من أجلك أنت فقط ، مشاعر أثمن كثيرا من أن تمثل في أموال أو لعبة أو طعام نقدمه ليتيم ، فثمن تقديمها قد يرنو إلى مرتبة مرافقة الحبيب صلي الله عليه وسلم بأقرب ما يكون ، كهاتين في الجنة .

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا . وأشار بالسبابة والوسطى ، وفرج بينهما شيئا"

ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق