وقفت
السيدة تتأمل المشهد ، كما وقف الأطفال
يتأملونها ، كانت تحمل في يديها كيسا من
البسكويت ، تتحدث مع المشرفة برغبتها في
الجلوس مع الأطفال ، ترحب المشرفة ،
وتدخلها الغرفة ، ظل التأمل الحذر قائما،
حتى تجرأ أحد الأطفال وتقدم نحوها بجسمه
الصغير ، أمسك بجلبابها وأشار إلى كيس
البسكويت ! ، حملته
السيدة وسط الأطفال المشاهدين وأخرجت له
قطعة من الكيس ليأكلها ، أمسك الطفل
بالقطعة فرحا ، لكنه نظر نظرة للمشرفة من
بعيد ،والتي هرولت نحو السيدة لتمنعها
من تقديم القطعة إلى الطفل بحجة خروج هذا
الفعل عن نظامهم الغذائي الذي اعتادوه !
، وقف الطفل وهو ممسك
بالقطعة ينتظر انتهاء النقاش بين السيدة
والمشرفة ، كانت السيدة تستأذنها في
استثناء يخرج أطفال مثلهم عن نظام يطعم
أبدانهم ولكنه لا يطعم أرواحهم !! ،
اجتمع الأطفال بجوار صديقهم الجرئ ينتظرون
ما ستؤول إليه الأمور ، لم يحاولوا أن
يختطفوا قطعة البسكويت من صديقهم ، ولكنهم
كانوا يريدون قرارا يسمح له بامتلاكها
ومن ثم يسمح لهم بالعراك حولها !! ،
وافقت المشرفة على تقديم القطعة للطفل
اليتيم ، مسحت على رأسه فجعلته يقفز فرحا
بأمتلاكها ، نظر إلى السيدة التي سمحت له
بذلك الإستثناء ، ترك القطعة لأصدقائه
الذين تكالبوا عليها ، وتقدم مرة نحو
السيدة الجالسة فصعد على ساقيها ونظر
إليها نظرة حب صادقة متأملا وجهها ، ضمها
في جنون ، أسند رأسه على كتفها ، وكأن لسان
حاله يقول "افتقدتك
كثيرا يا أمي "
اليتم
هو افتقاد لمشاعر لم نشعر يوما بفقدها
فلم ندركها ، هو افتقاد لمن يدافع عنك فقط
، لمن يعمل من أجلك أنت فقط ، لم يجيز
الإستثناءات لك أنت فقط ، لمن يعيش ويموت
من أجلك أنت فقط ، مشاعر أثمن كثيرا من أن
تمثل في أموال أو لعبة أو طعام نقدمه ليتيم
، فثمن تقديمها قد يرنو إلى مرتبة مرافقة
الحبيب صلي الله عليه وسلم بأقرب ما يكون
، كهاتين في الجنة .
قال
رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"أنا
وكافل اليتيم في الجنة هكذا .
وأشار
بالسبابة والوسطى ، وفرج بينهما شيئا"
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق