الأربعاء، 25 يوليو 2012

رمضات ٦ : وحملها الإنسان !!




إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا

الأحزاب ٧٢

حملها الإنسان !!

حملها بنفسه ولم يُحمّل بها ، اختارها بنفسه ، و رأي بها القدرة علي حملها ، لم يشفق منها ، ربما جهلا بها ، ربما ظلما لنفسه ، ولكنه حملها ، وما عليه الآن سوى احتمالها ، حتي يأتي ميعاد استحقاقها !!.

يقول الشعراوي تعليقا على هذه الآية :
"فكل خلق الله خيّر في أن يأخذ حريته ، وأن يحمل أمانة تلك الحرية ومسئوليتها ، فاختاروا جميعا أن يبقوا مسيرين بإرادة الله التي أرادها لهم ، عدى الإنسان الذي اختار أن يحمل أمانتها وأن يحمل مسئولية اختيارته ، فلا مجال للحديث عن تسيير الله لمخلوقاته وقهره لهم ، فحتي المقهور منها قد اختار قهره بارادته "

إذن فقد حملها الإنسان ، أمانة وجد في نفسه القدرة على ردها ، فالأمانة لابد مردودة لمن استأمنك عليها ، بل إنك محاسب علي أي عبث أو اهدار بها ، الأمانة لم تكن في حرية التخيير فقط ، وإنما في علم اكسبه الله لعباده ، في عقل خلقه فيهم , في رزق رزقه لهم ، في انفاس تبقيهم على قيد الحياة ، وفي دقات قلب تنشر الدماء في عروقهم لتبقيهم على أحياء ينعمون في هذه الأرض !! ، فمخطئ من ظن أن أي من هذه هي ملك له ، إنما هي إمانة عليه الحفاظ عليها ، لردها لصاحبها كما هي إن لم يربيها وينميها عنده !!

فما أثقل تلك الأمانة ، ويا ليتنا كنا جبالا أو سماء فنمشي بأقدار الله ولا نخالفها ، ليتنا كنا جبالا أو سماء فاشفقن منها ، و خفنا على انفسنا من أمرها بالسوء أو من الشياطين التي تزين لنا سوء أعمالنا ، لنضيع خلالها ما ائتمننا رب البرية عليه و حملناه اختيارا !!.


يقول البعض أن العقل هو من جعل الإنسان يقبل الأمانة ، عقل أعطاه الله له ليعينه ، ولكنه في الوقت نفسه هو من أشقاه وجعله يرى قدرته علي حمل تلك الأمانة الثقيلة عند أخذها ولم يرى عجزه اممكن عند الرد !!

البعض الآخر يقول أن عقل الإنسان هو  من أدرك في قبول الله لاختياره حمل الأمانة تأكيدا لقدرته عليها ، و ضمانا لاعانته له على حملها بالتوجيه والإرشاد إلي سواء السبيل الذي إذا التزمه أدي أمانته دون أن يضيعها !! . 

الخلاصة أن الإنسان لم يشفق منها ، وأنه يشهادة خالقه إما ظالم لنفسه ، وإما جاهل بما سيلاقيه ويحمله ، ولأنه اختار وحمل ما اختاره بنفسه ، ولأنه تعالى ما كان ليظلم أحدا أو يحمّله ما لا طاقة له به ، فقد أعانه عليها بمغفرته لظلمه ، وبرحمته بجهله ، فلا ملاذ للظلوم الجهول سوى الاستعانة بالغفور الرحيم وإلا فضياع الأمانة وعذاب المنافقين والمشركين !!

يقول تعالى متابعا :

لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا

الأحزاب ٧٣


فرحماك ربي أيها الغفور الرحيم بهذا الإنسان الظلوم الجهول !!

تحياتي
ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق