فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ
النمل ٢٢
تأمل
.. يقف
الهدهد الضعيف أمام سليمان الذي سخر له
الله مخلوقات الأرض وعلمه منطقهم وآتاه
الحكمة والعلم فيقول :
"أحط
بما لم تحط به"
!!
تأمل
.. سليمان
يستمع إلى كلمات الهدهد فينصت ، ويطالبه
بإخباره بالمزيد عن نبأه ، مقرا بما بمعرفة
الهدهد بما لا يعلمه !!
حاكم
القوي يمتلك مفاتيح العلم والقوة ، يستمع
بديمقراطية منقطعة النظير لصوت امتلك
علما فاق علمه ، فزاد من علمه وأقر أن
العلم ليس حكرا عليه وحده ، وإنما هو لله
يؤتيه من يشاء ، وما كان تسخير جميع
المخلوقات في يد سليمان إلا ليجمع علمها
إلي علمه فيؤكد فضل الله عليه ونعمته.
يقول
الشعراوي :
"لكن
أَيُعَدُّ قول الهدهد لسليمان
(أَحَطتُ
بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ)
[النمل:
٢٢]
نقصاً
في سليمان عليه السلام؟ لا، إنما يُعَدُّ
تكريماً له؛ لأن ربه عز وجل سخَّر له مَنْ
يخدمه، وفَرْق بين أن تفعل أنت الشيء وبين
أن يُفعل لك، فحين يفعل لك، فهذه زيادة
سيادة، وعُلًُو مكانة.
كما
أن الله تعالى يُعلِّمنا ألاَّ نكتم مواهب
التابعين، وأن نعطي لهم الفرصة، ونُفسِح
لهم المجال ليُخرجوا مواهبهم، وأن يقول
كل منهم ما عنده حتى لو لم نكُنْ نعرفها؛
لأنها خدمة لي.”
فالعلم
كالنهر الجار ، إن توقف عن السريان جف ،
فمن ظن أن كثرة علمه تمنعه أن يستزيد -ولو
كان ممن هم أقل منه علما – فقد غرته نفسه
، وأوقف نهر علمه ، فمن منا أكثر من علم
سليمان الذي علمه الله ؟!
، ومن
فينا أقل علما من الهدهد الذي علمته الفطرة
؟! ،
فما لنا قد تكبرنا ، وإذا اكتسب أحدنا
علما ظننا أننا قد امتلكنا الدنيا ، وفي
الحقيقة فالدنيا هي من امتلكتنا حينها
!.
وفي
هذا إشارة إلى أن كل مسخر لما خلق له ،
فالهدهد له مهمته وعلمه الذي لم يحط به
من هو علما وحكمة ، ولسليمان مهمته وعلمه
الذيلا يغنيه عن الإستعانة والإستزادة
بعلم غيره.
اللهم
هب لنا علما نافعا ، وزدنا علما مما علمته
غيرنا من خلقك ..
والسلام
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق