الجمعة، 17 أغسطس 2012

رمضات ٢٨ : ذلك لمن خشي ربه ...


جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ
البينة ٨


بين الخوف والحب ابحرت خواطري عن هذه الآية …

كنت ولا زلت من دائمي البحث في طبيعة علاقة العبد بربه ، فكن أرى الذين يراءون الله و يخشونه كخشية الناس ، وأري الخائفون من عقابه و المتقين لغضبه ، و أرى المؤمنين به والموقنين بوجوده والمحبين له !!.

وفي القرآن ، توعد الله تعالى المنافقين والمرائين بعذاب أليم ، ووعد المتقين له و الذين يخشونه بالخير و النعيم ، وأما المحبين فقد منحهم الله ما يعلو إلى مستوي علاقتهم الفريدة به ، فلم يعدهم جنانا ولا أنهارا بل أعطاهم ما يستحقونه ، وبادلهم -دون غيرهم- الحب بالحب !!

يقول تعالى :

قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
آل عمران ٣١

غير أن خطاب الله للمحبين لم يعلو في قرآنه على خطابه لمن يخشونه ويتقونه ، وليس هذا من قبل تفضيل الخشية على الحب ، ولكن كثرة خطاب الله لمن يخشونه كانت لجمعهم والمحبين على صعيد واحد ، لأن الخشية تستلزم الحب ولكن الحب لا يستلزم الخشية ، فمن أحب الله خشي غضب محبوبه ، في الوقت الذي يخشى الآخرون عذاب الله وناره ، ولكل درجة ومنزلة لدى الله.

يقول سيد قطب :

(ذلك لمن خشي ربه)
وذلك هو التوكيد الأخير . التوكيد على أن هذا كله متوقف على صلة القلب بالله , ونوع هذه الصلة , والشعور بخشيته خشية تدفع إلى كل صلاح , وتنهى عن كل انحراف . . الشعور الذي يزيح الحواجز , ويرفع الأستار , ويقف القلب عاريا أمام الواحد القهار . والذي يخلص العبادة ويخلص العمل من شوائب الرياء والشرك في كل صورة من صوره . فالذي يخشى ربه حقا لا يملك أن يخطر في قلبه ظلا لغيره من خلقه . وهو يعلم أن الله يرد كل عمل ينظر فيه العبد إلى غيره معه , فهو أغنى الشركاء عن الشرك . فإما عمل خالص له , وإلا لم يقبله .”

وللتذكرة ، فالخوف ليس خوف الذعر والرهبة ، وإنما الخوف الذي يدفع الإنسان لدفع الشر عنه ، فيصلحها ، حبا وإرضاء للخالق الوهاب ، فإن لم يفطن قلبه إلي هذا الحب فليفعله اتقاء للنار والعذاب ، وكل هذا في اتجاه رحمة الله ومغفرته ونعيمه !!

نعم فالخوف من الله هو الموجه نحو صفات جمال الله فشكر الله ورحمته وتوبته و مغفرته.
والتكبر والجرأة علي الله هو الموجه نحو صفات جلاله فجبروته وانتقامه واخذه المقتدر .

اللهم اجعلنا من المتقين لغضبك حبا لمرضاتك يا رب العالمين .

والسلام
ش.ز




0 التعليقات:

إرسال تعليق